ج) تابع مهارة إدارة الوقت (6)
عماري جمال الدين /الجزائر/ 1/06/2011
1) كيف أدير وقتي؟
بعد أن عرفنا معنى الوقت كمفهوم ومصطلح، وأدركنا قيمته وأهميته، وأنه أغلى من الذهب واللؤلؤ والماس، ومن كل جوهر نفيس وحجر كريم. و وقفنا على الغايات والأهداف التي يوظف الوقت من أجلها. لأن الحياة الحقيقية ليست مجرد سرعة أو كفاءة، إنما هي مزيج من القيم والمعاني السامية والأهداف النبيلة. ها نحن بصدد الكيفية التي بها يدار، لتحقيق الغرض المنشود والهدف المقصود. قديما قالوا: " قل لي من تصاحب أقول لك من أنت؟" أما الآن فيقولون: " قل لي كيف تقضي وقتك، أقول لك من أنت؟" والحقيقة أننا كلنا في حاجة ماسة إلى تنظيم أنفسنا والمكان والزمان من حولنا، وأن نضع كل شيء في مكانه، سواء أكان هذا الشيء جهازا نشتريه، أو جهدا نبذله، أو وقتا نستثمره.
2) استقرأ واقعك.
- هل أنت تتحكم في واقعك بفعالية؟
- في طريقك للتحكم في الوقت؟
- تعاني من مشاكل في هذا الإطار؟
- الوقت هو الذي يتحكم فيك؟
- بعد التأمل واستعمال النظر، واعتمادا على الخبرة المكتسبة وما حصلته من علم وفهم، ومقارنة بما أنت عليه حقيقة، وبين ما يجب أن تكون عليه. بين حالك أنت وتعاملك مع قضية مهمة في هذا الوجود كقضية الوقت، وبين الصفحات المشرقة الناصعة لتعامل السلف الصالح مع مثل هذه القضايا الحيوية الحساسة في الحياة، حيث تلمس شدة حفظهم لوقتهم، وحسن إدارتهم له، وعدم إضاعة أي ساعة منه بغير فائدة. تجد البون شاسعا والهوة كبيرة، ولعلك عندئذ تتألم على ما فات من عمرك، لأنك لم تستغله كما يجب، وأنك فرطت كثيرا وضيعت كثيرا وصرفت أوقاتا غالية من حياتك فيما لا ينبغي، فتتألم وتصاب بخيبة أمل. على كل حال أنت لست راض على وضعك الحالي. هذا إحساس طيب وشعور نبيل، نقدره ونجله فيك. المهم أن لا تترك الإحباط يتسرب إلى نفسك، ما دام فيك عين تترف وقلب ينبض وهمة تتوقد. فلا تيأس ولا تحزن وفسحة من الزمن الممدود أمامك، والفرصة لم تنقطع بعد. وبإمكانك أن تعدل وتصحح وتغير. وأبشرك أن الشعور بالألم أول خطوة نحو التغيير الحقيقي.
- إن تغيير العادات القديمة يستلزم وقتا وجهدا كبيرا. وسلاحنا في ذلك الصبر وقوة التحمل والعي العميق بقيمة الأشياء وإلا لن نستطيع أن نخطو خطوة واحدة.إ ن التغيير يحدث من الداخل، بعد أن تتغير القناعات، وتتوفر الرغبة الصادقة والإرادة الصلبة، فيبدأ المعني في البحث عن كل آلية أو طريقة أو كيفية تساعده في الانتقال والتحول (من.... وإلى) من وضع غير مرضي عنه إلى وضع حسن، من السلبية إلى الإيجابية، من اللافعالية إلى الفعالية. من مضيع لأوقاته غير مبال بها، إلى مهتم وحريص على كل لحظة فيما ينفع ويفيد. إن سعيك أن تترك أثرا خالدا في هذا العالم هو نقطة البداية، أو قل هو الشرارة التي تشعل التوهج والتفاؤل في حياتك، فعندما توقد شمعة العطاء في داخلك تبدأ تلقائيا بتحقيق حاجاتك الأخرى.
3) ترتيب الأولويات.
- هناك فجوة وجفوة بين الطريقة التي نقضي بها وقتنا، وما هو مهم حقا بالنسبة لنا، إننا كثيرا ما نشعر أننا مسلوبي الإرادة، حيث لا نستطيع أن نكرس وقتنا للأهم في حياتنا. وتلك مشكلتنا الكبرى التي مازلنا مبهوتين إزاءها، في حين ينتزع الوقت منا انتزاعا شئنا أم أبينا، رضينا أم سخطنا، نعم يجب أن نشعر بالألم والتعاسة والأسى والحزن العميق، وأن نتساءل عن العوائق التي تحول دون انطلاقنا نحو الأفضل والأحسن.
- كثيرا ما تبقى مشاكلنا عالقة، لأننا نتعلق كثيرا بالنتائج ونترك وننسى الأسباب. إننا مهما واصلنا العمل بنفس الطريقة، فإننا سنواصل الحصول على نفس النتائج، إنه من الجنون أن نواصل العمل بالطريقة نفسها، ونتوقع نتائج مختلفة. إن مما يجعل الكثيرين يصابون بخيبة أمل، أنهم لا يستطيعون السيطرة على مجريات الأحداث والتحكم في أوقاتهم. وعليه لا بد من طرح السؤال التالي:
- ماهو العمل الهام الذي إذا ما فعلته سيكون لك مردود إيجابي على حياتك، ويجعلك في وضع أفضل؟
- ما دمت تعرف هذا العمل جيدا، فما الذي يحول بينك وبين تنفيذه؟
- لقد أثبتت الدراسات الحديثة في علم الإدارة أن معظم الناس يقضي من (30 إلى 65) بالمائة من وقته في الأعمال الروتينية. التي لا ترتقي إلى مستوى المهم فضلا عن الأهم. إن أهم عاملين يتحكمان في حياتنا وفي إدارتنا للوقت هما: الإلحاح والأهمية. إن معرفة ما هو مهم، وعدم الإستجابة العشوائية للملح، هما الخطوة الأولى لوضع الأولويات. قلة من الناس من يدركون كيف يتحكم الإلحاح والأعمال العاجلة في قراراتنا ومواقفنا في الحياة. فعندما تغيب الأولويات عن أعمالنا يصبح إنجاز الأعمال الملحة خيارنا الوحيد، وهكذا ندور مع الحياة دورتها العاجلة، حيث ندخل في دوامة من النشاطات المتتابعة، أو في حلقة مفرغة، ولا نتوقف لحظة لنسأل ما إذا كان ما نفعله هو فعلا ما يجب أن يفعل. إن الإلحاح أو العمل العاجل ليس مشكلة في حد ذاته، لكن عندما ندمن عليه ويسيطر فإنه يدوس الأولويات في طريقه، والمعادلة أنه كلما زاد الملح في عملنا، كلما قل العمل المهم. ولعلنا في هذا الصدد نطرح سؤالا جديرا بالطرح، ماالذي يجعل الانسان يقدم عملا على آخر، أو يستقطب اهتمامه عمل دون عمل؟
4) - خيار التموقع
العمل اليومي هو المحك الحقيقي حيث يتم اختبار قدرتك على وضع الأولويات أولا، وتحويل رسالتك وأدوارك وأهدافك إلى واقع. ولتوضيح الفرق بين الملح والمهم، ولبيان الطرق الأربعة التي ندير بها وقتنا، لا بد من تقسيم يوم العمل وحياتنا عموما إلى أربعة أنواع حسب (جدول إيزنهاور):
أ) - مهم عاجل:
أو ملح عاجل والواجب فيه (أنجزه) كما يمكن تفويضه أحيانا، ومثاله: اتصال مهم، صيانة عاجلة، إطفاء نيران، تسيير أزمة...إلخ)وهناك الضروري العاجل أيضا كالأكل والنوم والراحة...إلخ) لذا ينبغي إعطاؤهما من الأهمية والأولوية باعتبارهما أمور حتمية تفرض نفسها ولا يمكن تجنبها، وبعد الانتهاء من أدائها العودة لتحقيق المربعين المهمين، الهام غير العاجل والضروري غير العاجل. لا تستسلم للأمور العاجلة فتصبح ديدنك، وتضيع في متاهاتها فلا تنجز شيئا ذا قيمة. وانتقل بسرعة إلى المربع الأهم (ب).
ب) - مهم غير عاجل:
وضروري غير عاجل ويتمثل في الأهداف التي تريد أن تحققها، الواجب فيه (خطط له) إسأل نفسك ما هو الشيء الذي تستطيع أن تفعله، ولا تفعله الآن؟ والذي إن فعلته بشكل منتظم، سيكون له أثر إيجابي هائل على حياتك الشخصية والأسرية والمهنية؟ ومثال ذلك صلاة، تحصيل علم، مهارة تكتسب دورة تدريبية، صلة رحم بناء علاقات، تخطيط، ومن نتائجه توازن، تحقيق أهداف، رؤِية شاملة، أزمات قليلة. ولأن أهم مهامك وأولاها هي التي لها نتائج حقيقية جدية، لذلك ينصح كثيرا بضرورة التموقع في هذا المربع، وإيلائه من العناية والاهتمام والتركيز والوقت ما يستحق باعتباره الأفضل، لأنه يحتوي على فضاء المهم. بعض الناس يتحججون بأن ليس لديهم الوقت الكافي، صحيح ليس لدينا الوقت الكافي لفعل كل شيء – الواجبات أكثر من الأوقات – لكن هناك دائما وقت كافي لفعل الشيء المهم، ومن واجبك أن تتعرف على هذه الأعمال المهمة بالنسبة لك، وتنطلق فيها دون توقف، فالعمر يمضي ولا ينتظر، فلا تترك الفرصة تمر دون استفادة أو إفادة. والوقت إن لم يكن لك فهو عليك. فنظم وقتك لكي لا تفقد الكثير منه، وتأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون وتقول: ليتني قلت وليتني فعلت. ضع هدفا واحدا، وتوجه إليه مباشرة، وامض في عملك، مركزا مسخرا كل طاقاتك وقدراتك التي سلحك بها القدر، دون الالتفات يمنة أو يسرة. إذا كان لديك واجبان مهمان، فابدأ بالأكبر والأصعب والأهم أولا، واضبط نفسك بأن تبدأ مباشرة، وتتابع المهمة، قبل أن تتحول إلى مهمة أخرى في دائرة اهتماماتك. وهكذا ينبغي أن نولي المهم العاجل والمهم غير العاجل الضروري العاجل والضروري غير العاجل عناية خاصة باعتبارهما محور النجاح، ولتعرضهما للتسويف والكسل، فالانتباه الانتباه.
ج) - غير مهم وعاجل:
الواجب هنا (فوض له) عمل للآخرين مثال ذلك رسائل مقابلات انقطاعات ...إلخ)
د) - غير مهم وغير عاجل:
ليس هناك عمل والواجب هنا (أتركه) لأنه لا يحقق مصلحة ولا منفعة، حيث نلحظ انعداما كاملا للمسؤولية، اعتماد على الآحرين، صاحبه ليس له هدف في الحياة، محطم نفسيا. فلا أراك الله.
5) – أنواع الوقت:
* وقت يصعب تنظيمه:
ما نقضيه في حاجاتنا الأساسية مثل النوم والأكل والراحة، والعلاقات الأسرية والاجتماعية. هذه أجزاء من الوقت لا يمكن التحكم بها.
* وقت يمكن تنظيمه:
أوقات الذروة في النشاط والحيوية، مثل ساعات العمل الأولى. يمكن التحكم بها والتصرف فيها.
وهناك أوقات يقل فيها النشاط والحيوية مثل ساعات العمل الأخيرة، خاصة في فصل الحرارة.
6) – احذر لصوص الوقت:
- عدم التخطيط
- التسويف والتأجيل بأعذار غير واعية
- الأهداف غير الواضحة
- عدم تحديد الأولويات
- المقاطعات والزيارات المفاجئة
- الاتصالات الهاتفية غير المنتجة
- الاجتماعات غير الفعالة
- المعلومات الضعيفة (نقص في المعلومات)
- عدم القدرة على قول " لا "
- انخفاض الروح المعنوية
- الإصغاء غير الجيد
7) نصائح مهمة:
- تعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف عندك.
- تغيير العادات القديمة يستلزم وقتا وجهدا كبيرا فاصبر.
- كن متفائلا، وانظر للأخطاء كفرص للتعلم.
- عزز ثقتك بنقسك، وهنئها عندما تقوم بعمل جيد.
- احذر الأفكار الطارئة، عد فورا إلى عملك.
- لا تترك التفاهات تنتزع منك أعز ما تملك.
- تخلص من الأنشطة غير الضرورية.
- اترك وقتا لنفسك ولأسرتك وللراحة وللطواريء.
- التزم بقائمة أعمالك اليومية، وقل "لا" متى لزم الأمر.