+
----
-
بقلم الشيخ محمد مكركب مع تصرف في عنوان المقال
قضية فلسطين قضية جميع المسلمين. والدفاع عن المسجد الأقصى واجب كلّ المسلمين. ومن أعظم
الأمانات الّتي كلّفنا الله تعالى بها، نصرة إخواننا وحفظ مقدساتنا.. فهل أدينا هذه الأمانة أيّها المسلمون؟ هل أجبنا نداءات المستغيثين؟ وهل شعرنا بخطورة الوضع وما آلت إليه الأمور في فلسطين؟
إن فلسطين جزء من كلّنا .. وقطعة من أرضنا، وقاعدة كبرى من كياننا، فلها حق واجب علينا. وإنّ الاهتمام بالقدس وكلّ فلسطين، والإعداد للنصرة والتحرير فرض علينا، بموجب انتمائنا للإسلام والحضارة الإنسانية.. فقيامنا بهذا الواجب من صميم عقيدتنا وشريعتنا وأخلاقنا وسياستنا. إنّ واجبنا الديني والإنساني والسياسي يفرض علينا أن نقف مع إخواننا في فلسطين، لتظل القدس ثالثة المقدسات حرّة مطهّرة، عاصمة من عواصم العالم الإسلامي.. إنّها أرض الأنبياء والمرسلين، ومسرى خاتم النّبيّين.. ومن ثمّ أيّها المسلمون.. فهي على رأس قائمة الأولويات ومن أكبر القضايا والاهتمامات. إنّ الأقصى في خطر.. إنّ الأقصى في خطر.. إنّ الأقصى قلب فلسطين، وإنّ فلسطين قلب المشرق العربي وعنوان عزّة الإسلام.. لهذا ندعو إلى نصرة فلسطين.. فمنذ 1948م وفلسطين تجاهد، فهي موطن الشهداء في أرض الأنبياء، وهاهم اليوم المقدسيون يستغيثون، فهل لبّى المسلمون؟
قال محمّد البشير الإبراهيمي رحمه الله: (إنّما السبيل على العرب في مشارق الأرض ومغاربها، حكومات وقادة وشعوبًا، رجالاً ونساء، وليست القضية الفلسطينية قضية جماعة أو حكومة أو قطر، وإنّما هي قضية العرب جميعًا). ثم قال: (إنّ الواجب على العرب لفلسطين يتألّف من جزأين: المال والرجال).
إنّ واقع الشعوب الإسلامية اليوم عامة، والشعوب العربية خاصة محزن ومقلق ومؤسف، ضعف ونزاع، واختلاف وصراع وأحزان وأوجاع.. والكفار يشتغلون بالليل والنهار، في فلسطين وفي غير فلسطين...
أيُعقَل أن نظل على هذا الحال أيّها المسلمون؟! أيُعقَل أن تستمر الحكومات في صمتها والشعوب في تساؤلاتها وأهل التغريب والتهريج مع اللهو والطرب.. والكفار يكيدون ويمكرون ويتطاولون على المسلمين؟ إنّنا ندعو إخواننا في داخل فلسطين هم قبل غيرهم، إلى الوحدة والاتحاد، ونذكّرهم بقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الأنفال: ,1 وقوله عزّ وجلّ: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال: 46، وقوله عزّ وجلّ: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} الصف: 4. إنّنا ندعو جميع الفلسطينيين إلى وحدة وطنية واجتناب الزعامات المفرقة، والإعلان الرسمي أنّه لا تنازل عن أيّ شبر من فلسطين، والجهاد ثمّ الجهاد إلى أن يتحقّق نصر الله أو الاستشهاد.. وأنّه لا تفاوض مع الغاصبين الّذين يقتلون الفلسطينيين ويُرحِّلونهم من أرضهم ويروّعون الآمنين ويأخذون الأرض من أهلها بالقوة ليسكنوا فيها اليهود بغير حق.. وإنّنا ندعو كلّ الشعوب العربية خاصة والإسلامية عامة، وخاصة المجاورة لفلسطين أن يقفوا موقف الرجولة والمروءة، موقف البطولة والشجاعة الإيمانية لمساعدة إخوانهم وجيرانهم المظلومين، الّذين يستغيثون.. أين أنتم أيّها المسلمون
المجاورون لفلسطين، قوموا لنصرة إخوانكم، بحق الجوار، بحق العروبة، بحق الإسلام، بحق حفظ المشرق العربي، بحق الرجولة.. إنّنا إذ نهتم بفلسطين إنّما نفعل ذلك لأنّها أمانة. وإنّنا إذ ندعو إلى الوقوف في صف واحد مع الفلسطينيين إنّما نفعل ذلك لأنّهم ظلموا، ولأن نصرة المسلم أخاه المسلم فرض واجب. يشهد التاريخ أن فلسطين وطن عربي مسلم مسالم، معلوم إقليميًا في المشرق العربي محدّد بخريطة جغرافية
رسم معالمها الفتح الإسلامي. وأنّ اليهود ظلموا الفلسطينيين وأنّ كثيرًا من الدول الكافرة تساعد وتؤيد اليهود جهارًا نهارًا بالإعلام والمال والسلاح.. والدول العربية الإسلامية تعمل بخجل وتردّد ووجل وكأنّ الأمر لا يعنينا. مهمّتنا نحو فلسطين فرض واجب أن نعينهم وأن نؤيّدهم، لأنّه من واجبنا كمؤمنين جميعًا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. إنّنا في الجزائر ذُقنا مرارة الاستدمار، وذُلَّ الاحتلال من قبل الكفار، وعشنا آلام الحديد والنار، ومن منطق المنهج الإسقاطي أن نحس ونشعر بآلام إخواننا وأخواتنا وآبائنا وأمّهاتنا وأطفالنا في فلسطين وهم يبكون ويستغيثون.
إنّ واجبنا نحو فلسطين وكلّ نفس وكلّ شبر من الأمّة الإسلامية يقتضي القيام بنوعين من التبعات: واجب آني عاجل في غير استعجال، وسريع التنفيذ في غير تَسرُّع هو إمداد إخواننا بالرأي السديد والتأييد المفيد بكلّ ما نستطيع من المال والوسائل لرفع ظلم الظالمين عن المغبونين المتألمين.. وواجب دائم مستمر، وهو العمل على جمع شمل الأمّة، بدعوة هذه الشعوب المتخاصمة المتنازعة، هذه الشعوب الّتي ما زالت لم تعمل
بأمر ربّها في قوله عزّ وجلّ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} آل عمران: .103
ويحضرني هنا قول الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى: (لن يصلح المسلمون حتّى يصلح علماؤهم، ولن يصلح علماؤهم إلاّ إذا صلح تعليمهم، ولن يصلح هذا التعليم إلاّ إذا كان قائمًا على أسس التعليم النّبويّ).ألاَ وإنّ خير وصية وصية الله ورسوله.. تعالوا لنعمل بقوله عزّ وجلّ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى
البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. وقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ''المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، ثم شَبَّك بين أصابعه''.