الزواج هو الصلة الربانية في أوثق وشائجها شرعها رب العزة بين الزوجين المسلمين ، فهما يلتقيان على المودة والرحمة و التفاهم و التعاون والتناصح ، فيؤسسان الأسرة المسلمة التي هي اللبة الصلبة في بناء المجتمع المسلم الراشد وان أفرادها هم أعضاء منتجون بناءون متعاونون على البر والتقوى متسابقون متنافسون في الصالحات من الأعمال .
والمرآة الصالحة عماد الأسرة المسلمة وركنها الركين وأساسها المتين وهي متعة الحياة الدنيا بل هي خير متاعها قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (الدنيا متاع وخير متاعها المرآة الصالحة) رواه مسلم .
فكيف تكون المرآة زوجة ناجحة : إليك أختاه الجواب مفصلاً
1ـ تحسن اختيار الزوج :
الإسلام صان إنسانية المرآة وحفظ كرامتها واحترم ارادتها في اختيار الرجل الذي ستقضي معه حياتها ، ولم يرض لأحد كائنا من كان أن يكرهها على الزواج من رجل لا تريده فهي أما تستأمر أو تستأذن . على أن الإسلام بين للمرآة المقاييس المسددة الصائبة الحكيمة في اختيار الزوج فهي لا تكتفي بجمال الهيئة وأناقة المظهر ورفعة المنصب ومظاهر الثراء وما إلى ذلك من صفات تستهويها عادة وإنما تقف عند دينه وخلقه فهما عماد بيت الزوجية الناجح وأثمن حلية يتحلى بها الزوج يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في وفساد عريض يكررها ثلاثاً) رواه الترمذي وابن ماجة مع الانتباه إلى الجمع بين الدين والخلق فلا يكفي أن يكون الرجل صواماً قواماً وهو سيء الخلق والأدب وأيضا لا ضير على المرآة أن تلتفت إلى الصفات الأخرى التي ذكرناها سابقا بعد اختيار صفتي الدين والخلق .
2ـ مطيعة لزوجها بارة به متوددة إليه حريصة على رضاه :
المرآة المسلمة الراشدة مطيعة لزوجها دوماً من غير معصية ، بارة به ، حريصة على ارضائه ، وإدخال السرور إلى نفسه ، ولو كان فقيرا معسراً فلا تتذمر من ضيق المعيشة ولا تضيق ذرعاً بأعمال البيت فهذه السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأحب الخلق إليه كانت مطيعة لزوجها قائمة بأعمال بيتها فقد كنست بيتها حتى أغبرت ثيابها وحملت الماء حتى كل متنها وطحنت بالرحى حتى ضعفت يداها وما اشتكت ولا تذمرت رضي الله عنها وأرضاها ولذا يقول النبي وقد سئل عن أي النساء خير ؟ قال : التي اذا نظر إليها أسرته وإذا أمرهـــا أطاعته وإذا أقسم عليها أبرته وإذا غاب عنه حفظته في نفسها وماله) رواه ابو داود و النسائي وابن ماجه .
ويقول صلى الله عليه وسلم (لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها ) رواه الترمذي ويقول عليه الصلاة والسلام (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها و أطاعت زوجها وحفظت فرجها قيل لها أدخلي الجنة من أي الأبواب شئت ) رواه احمد وابن حبان ، ويؤكد عليه الصلاة والسلام على المراة أن تسعى إلى أرضاء زوجها حتى آخر العمر يقول عليه الصلاة والسلام (أيما أمرآة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ) رواه الترمذي وابن ماجه ،على ان لا تكون هذه الطاعة في معصية الله لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا طاعة في معصية الله انما الطاعة في المعروف ) متفق عليه ، كما أن طاعة الزوج مقدمة على الوالدين فهو أحق بها من أبويها .
3ـ تعمل على إحصانه وقضاء شهوته .
من مقاصد الزواج في الإسلام إحصان المرآة والرجل على السواء ولذا كان على المراة أن تستجيب لرغبة زوجها إذا سألها نفسها ولا تتذرع بعلل واهية متهربة منه فانها بذلك تنال سخط الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها ) رواه النسائي والترمذي ، ويقول صلى الله عليه وسلم (لعن الله المسوفات التي يدعوها إلى فراشه فتقول سوف حتى تغلبه عيناه ) رواه الطبراني ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا (لعن الله المفسلة التي إذا أرادت زوجها ان يأتيها قالت أنا حائض ) وهي ليست بحائض رواه ابو يعلى ويقول صلى الله عليه وسلم (إذا دعا الرجل زوجته لحساجته فلتاته وإن كانت على التنور ) رواه النسائي و الترمذي ويقول صلى الله عليه وسلم (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات عليها غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح ) رواه أبو داود وابن ماجة ويقول صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا تصعد إلى السماء لهم حسنة ... ومنهم المرآة الساخط عليها زوجها حتى يرضى ) رواه الترمذي ؛ ومن اجل ذلك نهى النبي (صلى الله عليه وسلم ) إن تصوم المرآة تطوعا إلا بإذن زوجها إن كان حاضرا حيث يقول صلى الله عليه وسلـم (لا يحل للمرآة إن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ) متفق عليه .
أختاه أنه لشرف للمرآة كبير أن تحف زوجها وتهتم بشؤونه وترعاه في كل وقت وعلى كل حال وتعطيه من ذوقها ورقتها وأنسها ما يملأ حياته سروراً وسعادة وأمنا .
4ـ تبرُّ أمه وتكرم أهله :
من بر المرآة المسلمة الواعية وحسن معاشرتها لزوجها إكرام أمه واحترامها وتقديرها بل وتعينه على إكرام أمه و البر بها فان ذلك مما يثلج قلب الرجل ويقربه إلى زوجته أكثر، سألت السيدة عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الناس أعظم حقا على المرآة قال زوجها قالت فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال أمه ) .
وقد تبتلى الزوجة المسلمة بحماة ليست على خلق حسن فواجبها في مثل هذه الحالة أن تحسن التعامل معها بشيء غير قليل من اللباقة والمجاملة والتلطف والدفع بالتي أحسن بحيث تحفظ التوازن بين صلاتها بين أهل زوجها وتجنب نفسها وحياتها الزوجية أي أثر ينعكس سلبيا على هذه الصلاة .
5ـ لا تفشي له سراً :
المرآة المسلمة لا تنشر سر زوجها ولا تتحدث بما يكون بينها وبينه من أعمال وأسرار ولو إلى أقرب الناس اليها ، فان الأخلاق الفاضلة تأبى فعل ذلك ولذا لا نجد من يقوم بذلك إلا الفارغين و الفارغات و التافهين والتافهات بل لا يقوم به إلا شر الناس كما وصفهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى إمراته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ) رواه مسلم .
واعلمي اختاه ان كان صدرك عن سرك ضيقا فان صدور الآخرين أضيق ، وان من أعطيتها سرك صرت اسيرتها ، ولذا نجد اليوم الكثير ممن استغل هذه الأسرار تحقيقاً لمطامع شخصية أو أثارة لمشاكل أسرية وأنت أحلم من ذلك .
6ـ تقف إلى جانبه وتشاركه الرأي :
المرآة المسلمة تدرك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه زوجها ، ولذا فهي لا تضن عليه برأي حين تراه بحاجة إلى هذا الرأي ولا تتوانى في الوقوف إلى جانبه تشجعه وتثبته وتواسيه وتشير عليه ولها في السيدة خديجة رضي الله عنها أسوة حسنة في موقفها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حينما عاد إليها بعد نزول الوحي فزعاً مضطرباً وهو يقول زملوني زملوني فهبت من فورها لمساندته و الوقوف إلى جانبه قولا وعملا وتدبيراً وتشجيعاً فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (لقد خشيت على نفسي ) فتقول له السيدة خديجة : أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً والله انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ،رواه البخاري وزيادة في الاطمئنان والتثبت أنطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لما تعلم فيه من حكمة وعلم بمثل هذه الأمور .
ويوم الحديبية كان للمرآة المسلمة دور فعال فقد أحجم الصحابة حينما سمعوا بشروط الصلح ورأوا فيها حيفا وبخسا لحقوقهم في حين رأى النبي (صلى الله عليه وسلم ) بثاقب بصيرته الأبعاد المستقبلية لهذا الصلح ولذا أمرهم بالنحر والحلق فما قام أحد منهم فكررها ثلاثا وهم يمتنعون رجاء تغير موقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فدخل على زوجته أم سلمة غاضبا وهنا تجلت فطنة أم سلمة وتبدى ذكاؤها إذ قالت يا رسول الله أخرج ولا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتحلق ، فأخذ رسول الله بمشورتها وفعل ما أشارت به فلما رأى الصحابة ذلك قاموا مسرعين متدافعين فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا وغيرها من الشواهد .
7ـ تعينه على الطاعات و تشجعه على فعل الصالحات :
من مآثر الزوجة الصالحة أعانة زوجها على الطاعة في ضروبها المختلفة ولا سيما أداء الفرائض في أوقاتها (خاصة صلاة الفجر ) وتحثه على أدائها في المساجد وكذلك تشجعه على النوافل خاصة قيام الليل والوتر والضحى فانها بذلك تسدي له نفعا عظيما إذ تذكره بما قد يغفل عنه ، أو يكسل أو يتهاون فيه ، وما أجمل تصوير النبي (صلى الله عليه وسلم ) لحالة الزوجين المتعاونين على الطاعة المتكافلين في تبادل الخير الداخلين في رحمة الله المهداة اذ يقول : ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فان أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله أمرآة قامت فصلت وأيقظت زوجها فصلى فان أبى نضحت في وجهه الماء ) رواه الترمذي و النسائي .
كما تشجعه أيضا على البذل والصدقة والإحسان في سبيل الله مثلما عليها أن تثنيه عن الإسراف والتبذير وبعثرة المال في وجوه الترف والسفاهة ، كل ذلك إيماناً منها بأن دفع الزوج إلى الأعمال الصالحة يزيدها شرفا في الدنيا وثوابا جزيلا في الآخرة .