/>يقول تبارك وتعالى: "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًاً"
سُبحانَ الله، كلنا ينتظرُ النصرَ، ينتظرُ الفرجَ، ينتظرُ أن نستيقظَ صَباحاً فإذا بفلسطينَ حُرّةً أبيةً.. صارَت بِلا مُحتلٍّ غاصِبٍ.. يمرُّ بها حجاجُ بيتِ اللهِ الحرامِ فلا يعودُونَ إلى دِيارِهِم إلا وقد مرَّتْ قلوبُهم قَبلَ أرجلهم بِمسرَى نبينا صَلواتُ ربِّنَا وَسلامُهُ عَليهِ..
لكنّنا نستيقِظُ كُلَّ يومٍ ونَرَى أجزاءً من جَسَدِنا مُستباحة.. فَنحنُ جميعاً كالجَسَدِ الواحدِ كمَا روى الإمامُ مُسلم عَنْ النُعمانِ بِن بَشير رَضِي اللهُ عَنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلم: "مَثلُ المؤمنينَ فِي تَوادِّهِم وَتراحُمِهِم وَتَعَاطفِهم مَثلُ الجَّسدِ الواحدِ إذا اشتكى مِنهُ عُضوٌ تَداعى لَه سَائرَ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمّى"، وفي رواية له: "المسلمونَ كرجلٍ واحدٍ؛ إن اشتكى عَينُهُ اشتكى كُلهُ، وَإن اشتكى رأسُهُ اشتكى كلهُ".
... نعم كُنّا كَالجَسَدِ الوَاحِدِ.. لَكِنّا الآن أجزاءً مُشتّتةً، جِراحَهَا أكبَرُ بِكثيرٍ..
الكثيرُ مِنّا يَستصرِخُ وَيَستغيثُ.. وَيقولُ مَتَى نَصرُ اللهِ؟!!!
يُناجُونَ رَبَّهُم بِالدُعَاءِ وَيَتَضرّعُونَ، يتساءلون ليلاً وَنَهَارَاً: أما مِنْ حَلٍ لِهَذِهِ المَهَازِلِ؟!! أما مِنْ مَخْرَجٍ؟!! فَجِرَاحُنَا تَنْزِفُ، وَلا حَيَاةَ لِمَنْ تُنادِي..
فيا كل غيور على جسد يُستباح دمه ويُستهان عرضه ويُغتصب حقه كل صباح....
يا كُل مُحب لله ولرسوله..
يا كل مُحب لأمته..
يا كل مُحبِ للجنة ومُشتاق لها.. كما تشتاق هي لأهلها..
ويا... كل غيور على محارم الله التي تُنتهك صباح مساء..
هيّا لِنُحاول جميعا لملمة شتاتُنا الإسلامي..
فالجِراح صارت غائرة بدرجة كبيرة...
هيّا نُعيد الجسد الواحد...
هيّا سويّا نتعرف على مكان كل واحد فينا:
ما هو دوره؟! ما هو واجبه؟! ونترك السلبية..
يقول الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) وقالَ عزّ وجل: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)
فإن نصرنا الله تبارك وتعالى في أنفسنا أولاً:
- فالنفس البشرية هي أصعب جهاد.. فمن تغلب عليها كان على غيرها أقدر..
فلا نصر ولا تمكين ولا جمع شتات للجسد من جديد إلا بعد أن يقوم كل فرد منّا بلمام شتات نفسه..
فلنسأل أنفسنا يومياً
هَلْ أدّيتَ صَلاةِ الفَجرِ فِي وَقتِهَا..؟؟
هَلْ أديتَ أذكارَكَ اليوميةِ..؟؟
هَلْ أتقنتَ عَمَلكَ..؟؟
هَلْ أحييتَ كتابَ اللهِ، تلاوةً وعَمَلاً وَدَعوَةً ..؟؟
هَلْ عَمِلتَ عَلَى إنشاءِ جِيل رَبّانِي عَابِد للهِ..؟؟
هَلْ أعْطَيتَ كُلَّ صَاحِبِ حَقٍّ حَقّهُ..؟؟
هَلْ نمتَ وَلَمْ تَظلِم مُسلِماً..؟؟
وما أكثرها من أسئلةٍ لابدّ مِنها..!!
صِدقا لن نُنصر إلا بعد أن ننتصر بمعركتنا الأولى على النفس وأدبناها وعلّمناها ما هو الخير لها..
فَلا نَصرَ وَلا تَمكينَ وَلا مَجْدَ لِلأمةِ ولا اجتِماعَ لِشتَاتِ الجسدِ مِنْ جَديدٍ إلا بَعدَ جَمْعِ شَتاتِ النّفسِ أولاً وَإلزَامِهَا كَلمةَ التَقوَى، وَتجنِيبهَا الجَفاءَ وَالبعادَ عَنْ خَالِقِهَا..
لنتذكر جميعنا نقطة هامة فلسطين إسلامية وعربية.. وعلينا أن نتذكر أن ما يسمى "إسرائيل" ما هي إلا أكذوبة أقامها المغتصبون في بلادنا.