بقلم: عائشة جمعة
قالت لي: أريدك أن تحدثي مجموعةً من النساء عن إصلاح النفس والزوج والأولاد خلال ساعة زمنية.
قلتُ: ما أوسع العنوان! وما أكثر أفكاره! وما أصعب تطبيق أفكاره على أرض الواقع!
قالت: حاولي قدر الإمكان.
قلتُ: أمري لله.
وأخذتُ أُفكِّر في الموضوع، كيف أُقدِّم نصائحي لتحقق فائدةً خلال فترة زمنية قصيرة؟ لا شك أنني سأوقظ في نفوس النساء الهمة التي تساعدهن على تحمُّل المسئولية الملقاة على عاتقهنَّ بذكر حقيقة الحياة وفلسفتها، وبيان أجر مَن أحسن عملاً.
ثمَّ أُبيَّن مدى المسئولية الملقاة على عاتقهن، وأؤيد كلامي بذكر نماذج من حياة الصالحات فبدأت مستعينةً بالله:
أختي المسلمة
إننا لم نُخلق عبثًا، ولم يُقدَّر علينا العمر لنعيش على هامش الحياة كما يقول المثل: "أكل ومرعى وقلة صنعة".
أنتِ إنسانة لديكِ نوافذ المعرفة من سمعٍ وبصرٍ وإحساسٍ ومشاعر مشروعة لو فُتحتْ على المفيد، وأُعملت فيها العقل لعرفتِ كيف تعيشين وماذا تفعلين وفي أي اتجاهٍ تسيرين.
ومعرفة الإنسان الشخصية في حياته المحدودة هي معرفة جزئية وقاصرة، لكن الله عز وجلَّ أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجًا، وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى؛ مما جعلنا نسير على هدى ونور، وألبسنا بذلك ثياب عزّ وحبور.
وحتى تصل إحدانا إلى هذه المكانة عليها طلب العلم الشرعي الذي بواسطته تنشرح الصدور، وتصلح أحوال النفس، ويعم الأنفس الاطمئنان والسرور.
لقد منَّ الله على النساء في عصرنا بوسائل سمعية بصرية وبقنوات فضائية تنشر الخير في كلِّ الأنحاء مما سهَّل أمر التوعية الدينيّة والصحية والثقافية والتربوية.
فاحرصي أختي الكريمة على استحواذ ما يصلح أمر دينك ودنياك، ولا تشغلنّك الأمور التافهة التي تُعرض، بل هي من الفتن فاحرصي على الابتعاد عنها.
ضعي لنفسك خطةً يوميةً وأسبوعيةً وشهريةً تحققي من خلالها هدفًا أو مجموعة أهداف تسير بنفسكِ نحو التقرب من الله، وتُحسِّن جميع أحوالك.
ثمَّ انتبهي إلى من حولك فإنهم مسئوليتك، فمناصحة زوجك والاستماع إلى نصائحه أمر في غاية الأهمية، وكذلك التشاور معه في كل شأنٍ يخصّك ويخصّ أسرتك، ولهذا مردود طيب يشمل السير الصحيح، ويتضمن تحسين العلاقة مع الزوج، والتمكن من التغلب على المشاكل
فأنتِ تضيفين إلى عقلكِ عقلاً، وإلى همتكِ همةً، وإلى تجاربكِ تجارب أخرى.
التفتي إلى أولادكِ وانظري أين مكانهم في دين الإسلام، هل هم من أتباع هذا الدين، أم أنهم ينأون عنه مبتعدين عن نواهيه وأوامره غير مقيمين لفرائضه.
إن وجدت أولادكِ على خيرٍ فاحمدي الله واشكريه وحافظي على نعمة الهداية بالمتابعة الدائمة والنصح غير المنفّر والتشجيع ببيان الثواب، واستفيدي من كنوز الآيات ومن درر الأحاديث ومن المواقف الحيوية وسخِّري لهذا جميع مواهبك ونوّعي في طريقتك، ولا تبخلي بالدعاء فإنه قُربى لك عند الله وصلاح لمَن حولك، ولا تنسي أن لسان الحال أبلغ من المقال في كثيرٍ من الأحيان.
وإن وجدتِ حال مَن حولك في تردٍ فلا تجزعي واستعيني بالله، ولا تتعجلي النتائج، وابدئي بالفرائض وعلى رأسها الصلاة، واصحبيهم في دروب الخير وأبعديهم عن الشر، فما بالنا نخاف عليهم من نار الدنيا فنبعدهم عنها، ونُحذِّرهم من شرِّها ولا نخاف عليهم من نار جهنم!
وإن كان الزوج على غير هدى فابذلي جهدًا من أجله مستخدمةً التعامل الحسن والكلمة الطيبة والتشجيع المستمر والنصيحة غير المباشرة والتعرف على أهل الخير والصلاح.
أختي الكريمة قلبي صفحات التاريخ وانظري إلى النساء المسلمات كيف فعلن الأعاجيب من أجل نصرة الدين في أنفسهن وفيمن حولهنَّ، فمنهن العالمة، ومنهن المجاهدة، ومنهن المناصرة، وقولي في نفسك لن أكون أقل حظًّا منهنّ، بل سأكون مع الذين أنعم الله عليهم؛ وذلك يتحقق بطاعةِ الله ورسوله والعمل الصالح.