الحركة الواعية بين المؤثرات و الواقع
الفهم الشمولي للإسلام و طرحه يثير لدى بعض الكثيرين تخوفات وتحفظات منها ما هو منطقي ومنها ما هو عبارة عن هاجس و منها ما هو نتيجة لمقروءات مشوهة تستدعي التحرز من المجهول و الناس أعداء لما جهلوا كما يقال .
و لذلك تجد بعضهم يطرح مسألة الخوف من الإسلام بطريقة ذكية و ماكرة حينا أخر ,إذ تجده لا ينكر على الإسلام هذه الشمولية التي استطاعت أن تصوغها الحركة الإسلامية المعاصرة بشكل يقتر من الأفهام بأسلوب عصري لا يستدعي الخوف و بمنهجية تستعصي الطعن او نقض خصوصا ما يتعلق بجانب الحريات الأساسية و حقوق الإنسان و التداول على السلطة وهلم جرا... لكنه مع ذلك يجد مبررات متينة إلى حد كبير تتعلق بإبتعاد الطرح الإسلامي مستهجنا او ممجوجا أو مرفوضا أو غير قابل للهضم بسبب مؤثرات تفرض نفسها على العقل فرضا :
_طول المدة التي انحسر فيها الإسلام عن الحياة الإسلامية و التشريعية إلا ما يتعلق بالأحوال الشخصية و قانون الأسرة الذي لم تهضمه الطبقات المتغربة وراح الوفد الحكومي الرسمي الجزائري يصف هذا القانون في مؤتمر السكان و التنمية المنعقد بالقاهرة بأنه يحمل إجراءات تعسفية ، وهذا من عجيب العجائب .
_ إستبداد الأفكار الأخرى على واقع الإنسان و تطور ذلك من فكر إلى فكر لم يسمح للإسلام بأن يقول كلمته,وأن قالها يوما فعلى و جل أو استحياء بما حرمه من أن يأخذ الكتاب بقوة ...
_ هزيمة الأمة حضاريا بما جعلها نهبة لكل فكر دخيل و لكل نظا م سياسي زنيم و لكل حاكم هجين أو من قوم تبع .
_إستسلام العلماء و الدعاة و المفكرين و تخاذل الكثير منهم أمام الهجمة الإستعمارية الفكرية و السياسية و راح بعضهم يرفع و الثاني يهلل لكل حاكم و لكل نظام و ثالث يفصل الفتاوى حسب الطلب..
_سيطرة شاملة لذوي الاتجاهات التغريبية على المواقع صناعة الرأى أو القرار و احتلال مراكز هامة و استضعافا على طريق " فاستخف قومه فاطاعوه".
_ تكريس عقلية إن ما لله لله و ما لقيصر لقيصر فضلا عن فكرة إن الإسلام دين الدولة بمعنى جديد و هو الإسلام الساكن و التشريع الساكت أو الإسلام الدرويش الذي يملأ الدنيا بالمهرجانات و الموالد و الأعياد و الأضرحة و الزردات و اليوم سيدي فلان و غدا لالة فلانة.
_ إمثلة عن بلاد إسلامية كثيرة عقم نظانما السياسي عن ولادة الحرية و التنمية و حقوق المواطنة و التداول على السلطة فصارت بذلك مثلا سيئا...
و في المقابل هذه المؤثرات التي فرضت نفسها فرضا على المجتمع :
قد يصبح الطرح الإسلامي الشامل نشازا مما يجعل منه قضية ترشحه للخسارة خصوصا إذا صاحبنا تشنج شبه إسلامي و غير منهجي فتتسع مساحة التباعد بين الواقع و الطرح الإسلامي لا محالة و تفرز بذلك أخطارا على المصالح العليا للأفراد و الدول و الجماعات و المجتمعات و يحرم الناس الأمن و الإستقرار و يستمر الإهتزار الإجتماعي و تفسح المجال أمام الخصوم المتربصين بالإسلام و يزداد تشبثهم بالمكاسب و المقومات و المكونات تحت عناوين حماية الوطن من التهديدات الداخلية و الخارجية .
و هذه المعادلات الصعبة ليس بمقدور أية حركة إبرازها سوى أبناء الحركة الواعية الذين عرفوا من أين تؤكل الكتف سائرين معا نحو الهدف .