الطريق إلى الله.... الدعاء
الأربعاء 14 صفر 1432 ـ الموافق 19 يناير 2011
بقلم الأستاذ :- محمد فتحي النادي
الحياة الدنيا لا تثبت على حال، ولا تسير بنا على وتيرة واحدة؛ فيوم تقبل علينا بوجهها حتى نظن أننا حزناها، وأننا قادرون عليها، عندئذٍ تقلب لنا الدنيا ظهر المجن([1])، وتجعل عاليها سافلها.
ويوم تعطينا ظهرها، وتولي مدبرة فنظن أن الدنيا من حولنا قد أظلم فيها كل شيء، عندئذٍ ينبلج([2]) النور مؤذنًا بعهد جديد أحسن حالاً من ذي قبل.
وكما قال النمر بن تولب([3]):
فَيَومٌ عَلَينا وَيَومٌ لَنا *** وَيَومٌ نُساءُ وَيَومٌ نُسَر
كل ذلك يسير وفق مشيئة العليم الخبير.
والفطن الأريب([4]) هو الذي ينفض يديه من الدنيا، ويتجه بكليته إلى رب الأرباب، وعنده سيجد الحياة رحبة واسعة، وإن كان يرسف([5]) في الأغلال، متوسلاً لذلك بكثرة المناجاة والنداء.
ولكم دعوتك راجيًا نيل المنى *** فاقبل دعاءً خالصًا من مرتجي([6])
فالدعاء طريق القرب إلى الله -تعالى.
سهام الليل لم تخطئ خطاها *** فلازمها إذا طغت الخطوب([7])
فبه تنحل الخطوب، وتنجلي المدلهمات([8])، ويزداد القرب من رب الأرباب، عندها يفوز المرء في الدنيا والآخرة؛ فلا العقبات تعيقه عن الوصول إلى مبتغاه، ولا الأزمات تقعد به عن استكمال الطريق إلى مولاه، فهو دائمًا يرى النور رغم دياجير([9]) الظلام، موصول بحبلٍ من ربه وإن قطعه الناس.
ومَن أخطأ هذه الطريق فاته الخير كله، وبات متخبطًا لا يهتدي لسبيل، ولا يعرف لمنجاته طريقًا، وحاله مع ربه - ولله المثل الأعلى- كسائر في صحراء قد انقطعت به السبل وتاه في دروبها، وعلى رأس طريق فيها يقف رجل متأهبًا لغوث المستغيثين، ورغم هذا لم ينادِ هذا التائه الضال عليه غرورًا بنفسه، وجهلاً بقدرة مَن يستطيع إنجاءه مما ألم به، فمصيره الهلاك في تلك الصحراء الدوّية([10]).
فإذا كانت الأزمات والملمات والخطوب تنهال على المرء كسيل جارف، فما هو طوق النجاة؟
لاشك أنه اللجوء إلى الله - تعالى، ودخول حصنه الحصين، والتبرؤ من كل حول وطول وقوة إلا من حوله وطوله وقوته -سبحانه، وإلقاء الهموم عند عتبته، عندها تنزاح الأزمات، وتنفرج الكربات.