ليس هناك حدث يقبل على الانسان – وهو يعلم به – إلا ويستعد له..
فالطالب حين يقترب الامتحان تراه يستعد..
والمقبل على زواج تراه يستعد..
والمريد سفراً تراه يستعد..
فالاستعداد أمر فطري،
وجميع المسلمين يستعدون لرمضان فعلاً
لكن: كيف ؟؟
استعداد سلبي
أغلب المسلمين – للأسف – يستعدون لرمضان استعداداً سلبياً خاطئاً
فالأصل أن كل من يستعد لأمرٍ ما إنما يكون قصده أن يخرج من هذا الأمر بأعظم فائدة ممكنة، وأرجى خير مستهدف، لكنَّ المسلمين الان يستعدون لرمضان بما يخرجهم منه بأدنى فائدة، أو إن شئت فقل بلا فائدة أصلاً…
وسبب هذا أن الكثير لا يفهم الهدف من شهر رمضان، ولا لماذا أكرمنا الله تعالى بهذا الشهر العظيم وخص امتنا الاسلامية به.
ولنفكر سوياً:
هل شرع الله رمضان للتفنن في الأكل والشرب والتنوع فيهما ؟؟
هل رمضان شهر تلذذ بألوان الطعام والشراب ؟؟
أم أن العكس هو الصحيح ؟؟
أليس من أعظم فوائد الصيام ومقاصده أنه تربية للإرادة وجهاد للنفس، وتعويد على الصبر، وثورة على المألوفوحرمان من شهوة الأكل وسائر الشهوات لكبح جماح المادة، والسمو بالروح، وتهذيب الطباع الشهوانية التي تسببها تخمة الطعام ودوام الشبع ؟
أليس مقصود الصوم أن يشعر المسلم بألم الجوع ولذعته ومرارة الفقر وحاجته، ليقدر حال الفقير، ويرق للمسكين ؟؟
فيكف يتلاءم هذ مع الاستعداد بتخزين الأطعمة والأشربة والتفنن في أشكالها والاكثار من أنواعها ؟؟
إن هذا استعداد لهدم فائدة رمضان، لا للاستفادة منه أو الانتفاع به.
- ومن الناس من يستعد لرمضان بإعداد افكارٍمتنوعة لا للعبادة والطاعة، لكن للأسف للهو واللعب، فيبتكر ليدمر نهار رمضان، ويتفنن ليضيع ليله..
شعاره بالنهار ( سلِّي صيامك ) بالنرد، أو الشطرنج، أو حل الكلمات المتقاطعة…أو النوم الدائم..
أما بالليل فسهرات السمر ومجالس الغيبة وجلسات المصاطب والمقاهي ،أو ما يسمى(الدورات الرمضانية )، في كرة القدم أو الطائرة …..
وبذلك يمر نهار الصيام ونحن نيام، ويضيع ليله الغالي بدون قيام،،
فهل هذا استعداد ؟؟؟
- وفصيل اخر ممن يستعد للشهر الكريم يجلس قبله بأيام طائلة..
كل همه مراقبة القنوات..
فيجلس ممسكا بقلمه ودفتره: يسجل كل شاردة وواردة،
فهذا المسلسل على قناة كذا في الساعة كذا..
وهذا (الفزورة ) في يوم كذا وساعة كذا
وتلك الاغنية..
وهذه المباراة..
والفيلم..
و… و…. و……
وانتهى رمضان
فهل هذا استعداد لاستقبال شهر العبادات والطاعات ؟؟؟
تلك صور موجودة وواقعية.. وغيرها كثير…. يدل على شيء واحد:
أن الأمة تكاد تكون في غيبوبة إلا ما رحم ربي..
والحق أنه يجب علينا أن نعيد حساباتنا..
ونراجع أفكارنا
ونجدد نظرتنا لهذا الشهر الكريم
حقيقة شهر رمضان:
حينما نرجع للمنهل العذب والمورد النقي لديننا الحنيف – القرءان والسنة – سندرك مدى الخلل الذي أصاب معارفنا، وتسلل الى أفهامنا، فاختلت له تصرفاتنا.
فلننظر نظرة سريعة عاجلة عن حقيقة رمضان والهدف منه في هذه النصوص:
قال الله تعالى ( يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
فنبه إلى أن الهدف من رمضان محاولة التحقق بالتقوى.. يقول الإمام ابن القيم:
(وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها، أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) – (البقرة:185- زاد المعاد 29/2).
فهل تقدر على التحقق بالتقوى القلوب اللاهية.. والبطون المتخمة.. والعقول الغافلة ؟؟
وانظر كيف كان نشاط النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو القدوة والاسوة لمن اراد النجاة – كيف كان نشاطه في رمضان:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»
ثم انظر كم نخسر حين نضيع ليالي رمضان في اللهو والسمر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
وتأمل أيضاً كيف أن الأعمال في هذا الشهر مضاعفة:
فعند ابن خزيمة بسنده عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ،وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، فَقَالَ: يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لاَ غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا اللَّتَانِ لاَ غِنًى بِكُمْ عَنْهمَا: فَتُسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لاَ يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ).
وعند البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: «مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟»، قَالَتْ: أَبُو فُلاَنٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا، قَالَ: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي)
فتأمل كيف ينبغي أن يكون شغلنا في هذا الشهر، ثم قارن هذا بالواقع الموجود..
الاستعداد الحقيقي:
لأجل ذلك ينبغي أن يكون استعدادنا لهذا الشهر في اطار الانتفاع بكل لحظة منه، فهو فرصة سعد من أدركها، وخاب وخسر من أهملها وحرم نفحاتها، وحتى نتمكن من استغلال هذا الشهر يمكن أن نستعد على النحو التالي:
1- التوبة النصوح
ينبغي أن نعلم أن العبد يُحرم الخير بمعاصيه، ويحجب التوفيق للطاعة بشؤم اقترافه السيئة، فمن شؤم المعصية أنها تجلب معاصي بعدها، وتحجب عن الحسنات..
فيجب أن نجدد توباتنا لله تعالى من كل ذنب..
فنتوب توبة تامة.. عامة
فالتوبة التامة هي التي تحققت شروطها المعروفة وهي باختصار:
1- ترك للذنب فوراً
2- ندم على فعله يغلب على القلب وهو أهم شرط ، ففي مسند أحمد عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود فقال أنت سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: الندم توبة قال نعم وقال مرة سمعته يقول الندم توبة.
3- عزم مؤكد بالقلب ونية صحيحة على عدم العودة الي الذنب أبداً
4- الشرط الرابع متعلق بمن كانت معصيته متعلقة بحق الناس، فيجب عليه أن يتخلص من حق الناس عليه برد الحقوق لأهلها، والتخلص من مظالمهم واستعفاءهم واستسماحهم، فإن الله لا يغفر للعبد حتى يستبرئ من صاحب كل حق حقه.
وأما التوبة العامة: أي التي تشمل جميع الذنوب.. لا أن يتوب من ذنوب ويترك التوبة من أخرى، كلا بل يستحضر جميع ذنوبه ويحقق فيها الشروط السابقة للتوبة ، ويستغفر الله مستحضراً عموم معاصيه قاصداً الاقلاع عنها كلها.
فإذا نجح المسلم في تحقيق التوبة لله تعالى،، صار نظيفاً طيباً مقبلاً على الشهر العظيم بقلب متفرغ خفيف خاشع، وما ألذ شعور التائب.. وما أرق مشاعره.. وما ألطف وأحلى أحاسيسه..
2- ثم الدعاء أن يبلغنا الله رمضان، ويكرمنا فيه بعطاءاته، ويمن علينا بالتوفيق لاقتناص فرصته واغتنام أوقاته..
ولنعلم جميعاً أن الطاعة رزق ونعمة ليس يعطيها إلا الله تعالى.. وليس يعطاها إلا من أذن له الرحمن سبحانه.. وبالدعاء والتضرع يعترف المسلم بعجزه،، ويقر بفقره وقلة حيلته،، وعلى قدر التذلل والافتقار تكون العطية والمعونة..
لذلك كان مما نكرره في اليوم سبع عشرة مرة في الصلوات أن نسأل الله تعالى عونه على طاعته وعبادته فنقول (إياك نعبد وإياك نستعين)
ولقد أكثر النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بطلب المعونة من الله تعالى على طاعته، ففي مسند أحمد عن معاذ قال لقيني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: يا معاذ انى لأحبك فقلت يا رسول الله وأنا والله أحبك قال فإني أوصيك بكلمات تقولهن في كل صلاة اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
فلن ندرك ما عند الله بغير سؤاله تعالى ما عنده..
لا تسألن بني ادم حاجة…. وسل الذي أبوابه لا تحجب
فالله بغضب إن تركت سؤاله…. وبني آدم حين يسأل يغضب
ولقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يمكثون ستة أشهر يسألون الله تعالى أن يبلغهم رمضان، حتى إذا ما أدركوه وانقضى مكثوا الستة الأشهر الباقية يسألونه أن يتقبله منهم..
3- إعداد برنامج رمضاني
تضع فيه خطتك التعبدية.. والدعوية
أما الخطة التعبدية فهي الخاصة بك، وهي الأساس والأهم ويجب أن يكون فيها عناصر أساسية هي :
1- الصلوات الخمس في جماعة خاصة الفجر، ولا يليق أن يسهر الانسان ليصلي الفجر ثم ينام سائر اليوم ليضيع الظهر أو العصر..
2- السنن الرواتب (اثنتا عشرة ركعة ) على الأقل يومياً
3- صلاة التراويح كاملة يوميا.
4- تصلي ما تيسر لك في ثلث الليل الأخير فهو كنز ثمين ينزل فيه ربنا الى السماء الدنيا فينادي هل من مستغفر فأغفر له ففي صحيح البخاري بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ.، فاغتنم ولو ركعتين قبيل الفجر تدع الله فيهما بما تريد ثم تختم بصلاة الوتر. تفعل ذلك يومياً.
5- المحافظة على أذكار الصباح والمساء يومياً في وقتيهما بعد الفجر وقبل المغرب. وأذكار النوم، وينفعك في ذلك رسالة المأثورات للإمام البنا، أو كتاب (حصن المسلم ) للقحطاني أو غيرهما
6- قراءة ورد القرآن الكريم ( لا يقل عن جزء يومياً أبداً، أما حافظ القرءان فله شأن آخر فينبغي أن يختم كل ثلاث فإن عجز ففي كل خمس، فإن عجز فليسبع القرءان في سبع، وأقل جهده أن يختم في كل عشر) وبالجملة فالاستزادة من القرآن تلاوة له وقياما في الليل به هو من أسمى وأعظم عبادات الشهر وقد كان الأئمة يتفرغون لذلك، حتى كان الشافعي يوقف مجالس العلم ويختم القرآن في رمضان ستين مرة، و البخاري كان يختم ثلاثين مرة.
7- الإكثار من الصدقة:
- حاول أن تحدد نفقة تخرجها دوريا ( كأن تحدد مبلغاً – لا يضرك أن يكون بسيطاً – تخرجه كل يوم أو كل أسبوع..)
- حدد عدداً من الصائمين تفطرهم يومياً ( أقل ذلك تمرات طبعاً ) أو إن تيسر لك فوجبات مجهزة، أو أطعمة مغلفة غير مطهية، أو أعداد شنطة رمضانية مع نفسك أو مع الجمعيات الخيرية توجه للفقراء والمحتاجين..
أما الجانب الدعوي:
فاحرص أن يكون لك دور فاعل مع غيرك ممن حولك.. ثؤثر في مجتمعك بنشر الخير، وتنبيه العامة لما وفقك الله تعالى له من معرفة في دين الله تعالى، وتوجه الناس للطاعة وتعينهم عليها، واليك بعض الوسائل لتضعها في برنامجك وتستعد لتنفيذها:
- الاتفاق مع رفاقك وأصحابك للذهاب إلى المسجد للصلوات معاً.
- أخذ أرقام الجوال (المحمول ) من زملائك وممن يريد، لتتصل بهم في صلاة الفجر توقظهم، ويوقظونك ( حدد مثلا عشرة توقظهم وتتفق معهم كل واحد يوقظ عشرة وهكذا.. لو استيقظ مائة مثلا فلك مثل أجرهم ولمن تعاون معك كذلك)
- الاتفاق على جلسة تعليم تلاوة القرآن الكريم مع أحد المختصين أو من يتقنون تلاوة القرآن، وقتها بعد العصر مثلا أو بعد العشاء لمدة ساعة واحدة أو حسبما يتناسب..،
- الاتفاق مع بعض زملائك ( ممن همتهم عالية ) على صلاة التراويح في مسجد يصلي إمامه بجزء يومياً والتعاون على ذلك حتى تختم القرآن اخر الشهر
- المساهمة في عمل خيري كموائد الرحمن، وتوزيع الأغذية على الفقراء، وتوزيع التمر على الصائمين في الشوارع والمساجد،وغير ذلك…
- إعداد صفحة الكترونية على فيس بوك أو تويتر للتوعية عن فضائل الشهر ونشر القيم الإسلامية… أو إرسال رسائل عبر بريدك الالكتروني لكل أصدقائك (لكن دون إسراف في الوقت خاصة لان النت مضيع للوقت جداً)
- الحرص على تعلم فقه الصيام، حاول قراءته من كتاب مبسط – كفقه السنة مثلاً أو غيره – واحضُر درساً فيه، وإن استطعت أن تنشره بين الناس فافعل بشرط ألا تفتي الناس فالفتوى لها أهلها المختصون بها ولا يجوز تعدي ذلك.
محاذير مهمة:
أود أن أنبه أخيراً الى آفات خطيرة يجب أن نحذر منها ونتنبه لها:
1- أحذر التلفاز..
فإن هناك الكثير ممن يسعون لتضييع ساعات رمضان الغالية في المسلسلات والبرامج وغيرها من مضيعات الوقت والدين، بما فيها من التبرج والاختلاط والغناء والرقص…. فإن كانت قناة اسلامية فلا بأس بشرط ألا يضيع الوقت،، وبحسب الفائدة
2- إحذر الشبع:
لا تدمر فائدة الصوم بأن تملأ المعدة عند الإفطار، فإن الشبع مضيع لروحانيات الصيام، مقوٍ لشهوات النفس، يثقل المرء عن العبادة ويقعده عن الطاعة، فلا يقدر على صلاة التراويح وإن فعل كان غافلاً يستثقل الصلاة مهما خفت، ويستطيلها مهما قصرت، فيذهب يبحث عن أقل المساجد تلاوة وأقصرها صلاة ليتخلص من العبادة سريعاً.. فهل مثل هذا قد استفاد من صيامه أو انتفع بصلاته ؟؟
3- احذر النظر المحرم للنساء:
فكم نظرة تفتك بالقلب، وتذهب بصحته وعافيته التي يستمدها من الطاعة، ويجنيها من العبادة، وكم من صيام أتلفته نظرة..
كل المصائب مبدأها من النظر…. ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها…. فعل السهام بلا قوس ولا وتر
4- إحذر جلسات السمر والحكاوي:
فإن الشيطان يزينها لك خاصة في هذه الأيام ليضيع وقتك بالغفلة عن الطاعة، ويدمر أجر صيامك بالوقوع في البلية الكبرى التي يغفل عنها الكثير ويقع فيها العامة الغالبة من المسلمين ألا وهي الغيبة.. والتي تذهب أجر صيامك فقد ذكر ابن حزم في المحلى عن حفصة بنت سيرين من التابعين قالت: الصيام جنة، ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة!.وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الكذب يفطِّر الصائم.
5- احذر المعاصي:
إن الصيام المقبول ما صامت فيه الجوارح من المعاصي، مع البطن والفرج عن الشهوة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب – وفي رواية: (ولا يجهل) – فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين " (متفق عليه عن أبي هريرة).
وقال عليه الصلاة والسلام: " من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " (رواه البخاري في كتاب الصوم).
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمأثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء.
هل المعاصي تبطل الصيام ؟
قال الدكتور يوسف القرضاوي في فقه الصيام: (ومن أجل ذلك ذهب بعض السلف إلى أن المعاصي تفطِّر الصائم فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالغيبة والنميمة والكذب، أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور، أو نظر بعينه إلى حرام كالعورات ومحاسن المرأة الأجنبية بشهوة، أو ارتكب بيده حرامًا كإيذاء إنسان أو حيوان بغير حق، أو أخذ شيئًا لا يحل له، أو ارتكب برجله حرامًا، بأن مشى إلى معصية، أو غير ذلك من أنواع المحرمات، كان مفطرًا.
فاللسان يُفطِّر، والأذن تُفطِّر، والعين تُفطِّر، واليد تُفطِّر، والرجل تُفطِّر، كما أن البطن تُفطِّر، والفرج يُفطِّر.
وإلى هذا ذهب بعض السلف: أن المعاصي كلها تُفطِّر، ومن ارتكب معصية في صومه فعليه القضاء، وهو ظاهر ما روي عن بعض الصحابة والتابعين.
وهو مذهب الإمام الأوزاعي. وهو ما أيده ابن حزم من الظاهرية.
وأما جمهور العلماء: فرأوا أن المعاصي لا تُبطل الصوم، وإن كانت تخدشه وتصيب منه، بحسب صغرها أو كبرها.
وذلك أن المعاصي لا يسلم منها أحد، إلا من عصم ربك، وخصوصًا معاصي اللسان؛ ولهذا قال الإمام أحمد: لو كانت الغيبة تفطّر ما كان لنا صوم!.
هذا والإمام أحمد من هو وهو في ورعه وزهده وتقواه، فماذا يقول غيره؟!.
ويؤكد هؤلاء العلماء: أن المعاصي لا تبطل الصوم، كالأكل والشرب، ولكنها قد تذهب بأجره، وتضيع ثوابه. )
فلينتبه كل حريص على صيامه، راجياً تحصيل أجره،
بلغنا الله وإياكم رمضان على خير، وتقبل منا ومنكم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحب وسلم، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ:- محيي عبد الحميد محمد خليل * موقع منارات للعلوم الشرعية