الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله واله واصحابة أجمغين ..
قال الله تعالى : {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً } الإسراء11
و يدعو الإنسان أحيانًا على نفسه أو ولده أو ماله بالشر، وذلك عند الغضب، مثل ما يدعو بالخير، وهذا من جهل الإنسان وعجلته، ومن رحمة الله به أنه يستجيب له في دعائه بالخير دون الشر؛ لأنه يعلم منه عدم القصد إلى إرادة ذلك، وكان الإنسان بطبعه عجولا.
إن الله سبحانه وتعالى قد فطر الانسان على الفطرة السليمة وأنزل له وخلق فيه ما يسوقه وتسوق الآخذين بها إلى السعادة والجنة وتؤديهم إلى أجر كبير، وترشدهم إلى الخير كله ،،،
لكن جنس الإنسان عجول لا يفرق لعجلته بين الخير و الشر بل يطلب كل ما لاح له و يسأل كل ما بدا له فتعلق به هواه من غير تمييز بين الخير والشر والحق والباطل فيرد الشر كما يرد الخير ويهجم على الباطل كما يهجم على الحق.
وليس ينبغي له أن يستعجل ويطلب كل ما يهواه ويشتهيه ولا يحق له أن يرتكب كل ما له استطاعة ارتكابه ويقترف كل ما أقدره الله عليه ومكنه منه مستندا إلى أنه من التيسير الإلهي ولو شاء لمنعه فهذان الليل والنهار آيتان إلهيتان وليستا على نمط واحد
إنها حقيقة تتمثل في فطرة الإنسان وطبيعة نشأته , إنه الاستعجال ذلك الأمر الذي هو داء , ويجر إلى عدة أدواء.
وإذا كانت بعض أمور الفطرة ضرر فلا بد أن نعلم أن الله قد فتح لنا باب المجاهدة ووعدنا أن يهدينا { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } العنكبوت:69.
والاستعجالُ قد جرَّ على الأمة والأفراد والجماعات ضرراً وشؤماً لا يحيط بخطره قلم فانظر مثلاً:
* الاستعجال في اتخاذ القرار على مستوى بعض المشتروات, كيف أوقع صاحبه في ديون تراكمت عليه حتى أودعته خلف القضبان.
* الاستعجال في الدعوة إلى الله وحب تغيير الواقع والغفلة عن سنة التدرج فإنه قد أوقع أصحابه في خطأ التفسيق والتفجير والتكفير.
* الاستعجال في طلب العلم كيف يرمي بصاحبه في فوضى الطلب فلا يخرج بعد سنين إلا مثقفاً لا طالب علم.
* الاستعجال في طلب الطلاق من قبل تلك المرأة, ثم استعجال الزوج في قبول طلبها, فهناك تقع الكارثة وتتفرق الأسرة, وتزول سحابة الأنس وتغيب معالم السكن, وأما الأولاد فهم ضحية الاستعجال وغياب الصبر.
* الاستعجال في قبول الرأي الآخر وعدم التأني والدراسة له مما ينتج من ورائه الإقدام على المهالك في الغالب.
* والاستعجال في قيادة السيارة يوقع صاحبها في الحوادث مما يدخل في { وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ } النساء:29.
* والاستعجال في الحكم على الآخرين بدون قانون التثبت يتسبب في دمار العلاقات بل والويلات وفي التنزيل { فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } الحجرات:6.
* والاستعجال في قبول الرجل لتلك الفتاة لتكون زوجة بسبب إقناع الوالدين أو أحدهما بدون معالم التدين والنتيجة في الغالب طلاق أو تنازل عن الثوابت بسبب التورط في الديون أو وجود أبناء فيضطر الزوج إلى البقاء معها مع كراهيته لذلك , والسبب الاستعجال.
* وأيضاً استعجال الفتاة في قبول الزوج, لأجل منصبه أو ماله أو جماله وعدم التفكير في دينه وصلاته, يجر على الفتاة آلام ويُغيَّب عنها آمال, وقد يكون من رواد المخدرات أو صاحب معاكسات فتندم الفتاة ولكن لا ينفع الندم.
- والاستعجال في علاج الأخطاء بلا منهج مدروس وخطة مناسبة لا يساهم في العلاج, بل يجعل الخطأ مجموعة أخطاء.
* الحديث عن الاستعجال يطول, وآثاره لا تنتهي فكن صبوراً متأنياً متأملاً وحينها سيكون لحياتك معنى.