كتب : عبد الناصر عبد المومن
كيف يمكن للمرء أن يكتب عن الرجال إذا كان يعلم علم اليقين بأنه لن يوفيهم حقهم من الإنصاف مهما أحسن الحديث أو أصاب في الوصف؟
مهما أحسن الحديث أو أصاب في الوصف؟ كيف يتسنى للمرء أن يكتب عن رجال كل واحد منهم كان ”أمة“؟ لقد كان الشيخ الرئيس محفوظ نحناح (رحمه الله تعالى) أنموذجا دعويا فريدا من هذه الفئة. فهو (رحمه الله تعالى) ينتمي إلى تلك العينة من الدعاة التي تستحق أن توصف بالفئة «الخارجة عن النسق» أو
««Hors-série كما يصطلح عليه في علم الاقتصاد.
وكتابتي عن الراحل محفوظ نحناح (رحمه الله تعالى) عبر هذه الأسطر هي شهادة لله تعالى من جهة، ووفاء لحق الأخوة الإسلامية التي تربطني به إلى أن ألقاه برحمة الله تعالى في جنات الفردوس معية النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. آمين. فالأمة الإسلامية أمة شهادة، وحقيق على كل مسلم ومسلمة أن ينهض بأعباء الشهادة في الدنيا قبل يوم المعاد..
نعم، أريد من خلال هذه الأسطر أن أدلي بشهادة عن بعض المواقف التي قدﱢر لي أن أعيشها مع أحد رموز الاعتدال والوسطية في الجزائر بدون منازع. وقبل تفصيل ذلك لابدّ من أن أذكر بأن العلم عنصر محوري من عناصر الشهادة، ذلك لأن الشهادة: «قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر»(1). والشاهد هو «العالم الذي يبين ما علمه»(2). وإذا أراد المرء أن يتكلم أو يشهد في أمر ما فالأصل أن يحصن شهادته بصفة ثانية بعد العلم، ألا وهي العدل. لماذا؟ لأن «الله يحب الكلام بعلم وعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل الناس منازلهم» كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله تعالى).
لقد لعب الشيخ محفوظ نحناح كداعية وكرجل مصالحة وحوار دورا فعالا على الأصعدة الإسلامية العالمية والإقليمية والمحلية في زمن عزﱠ فيه الفهم الدقيق لروح الإسلام وغابت فيه الأصالة والابتكار وخيمت فيه أجواء الإحباط والرداءة والانهزام.. فطال الأمد وتاقت فيه جماهير المسلمين – لا سيما في جزائر الإنفتاح – إلى «حل إسلامي» ينقذ الأمة الإسلامية من أوحال التخلف الأدبي والمادي ويخرجها من وهدة التبعية والشك في الذات..
إن «الحركية المستقيمة المنتظمة» بتعبير علم الفيزياء التي دعا إليها الفقيد محفوظ نحناح (رحمه الله تعالى) ومن قاسمه فكرها وآلياتها(3)، تهدف إلى تمكين العقول والقلوب من تكريس الإسلام وروحه في حياة الناس انطلاقا من القواعد القرآنية القويمة والتي منها:﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك إبتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما﴾(4).
لقد جهد الراحل محفوظ نحناح على أن يكون الإسلام سلوكا عمليا في واقعه كفرد وواقع رفقاء دربه وأنصاره ممن تبنوا ورضوا بالوسطية والاعتدال منهجا وصراطا. والوسطية مدرسته نظر لها ميدانيا(5) عبر المؤسسات الخيرية والطلابية والسياسية التي أنشأها بمعية إخوانه وأخواته الذين ثبتوا على المنهج الحق للدعوة والإرشاد.. إلخ. فهيا بنا نستكشف كيف ألف الشيخ الرئيس نماذج مدرسته عبر مواقفه التربوية والمشوار الدعوي الشاق والطويل الذي قضاه في خدمة الدين والوطن... حتى توفاه الأجل والتحق بدار القرار. أسأل الله تعالى أن يجعل مقامي ومقامه ومقام المسلمين قاطبة في منزلة الأبرار
والمصطفين الأخيار.. آمين.
الطاعة... فضيلة غُيبت عن ساحات عديدة في الحياة الإسلامية
إن فضيلة «الطاعة» - في غير معصية طبعا - ذبلت زهرتها وانطفأت شعلتها في ميادين عديدة من واقع الحياة الإسلامية اليوم حتى صارت الفوضى أو اللانظام هي العلامة المسجلة(6) – بتعبير علم التسويق – لأعداد متواترة من المسلمين
في عصرنا. والأدهى والأمر أنهم صاروا يملكون «حقوق التأليف»(7) بدون منازع في هذا المجال... ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. وهذا لعمري أمر شائن يلطخ نضارة الإسلام ويحقر من شأن خلق الطاعة الذي نستلهمه كمسلمين من تعاليم الإسلام السمحة اقتداء بالملائكة الكرام «عليهم الصلاة والسلام»، ثم تنفيذا لتوجيهات السنة النبوية الصحيحة وكنوزها.
تعود وقائع هذا الموقف الذي عشته مع الداعية محفوظ نحناح إلى أولى أطوار التأسيس لحزب إسلامي لم تكن ولادته قيصرية بل جاءت بعد دراسة وافية وبعد نظر بناء على إفرازات الساحة السياسية الجزائرية في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات. لقد استنفرت حركة المجتمع الإسلامي(Cool كل أركانها وأفرادها من أجل تهيئة الأرضية المناسبة وإرساء القواعد المتينة عبر «خرسانة إسلامية» مادتها «هادية وهادفة وهادئة». (وكنت وقتئذ، أي في بداية التسعينيات، أعمل مع شلة من إخواني ممن يشرفون على إدارة المكتب الولائي للحركة ويسهرون على تأسيس أجهزته العضوية على الصعيدين الولائي والبلدي..)
وكان الإشهار لصالح الحركة والتعريف بها– إذ تعد هذه العملية من ركائز الإتصال السياسي (La communication politique) كما هو متعارف عليه في علم السياسة – من ضمن الوسائل التي سعينا لتوظيفها بالشكل المناسب. فتنظيم المهرجانات التحسيسية والتجنيدية أمر حساس ورئيس خاصة وأن الظرف الذي ظهرت فيه الحركة كان ظرفا محاطا بأجواء من التوتر والاضطراب ناهيك عن المضايقات والاستفزازات التي ابتليت بها هذه الحركة وأحاطت بها من كل جانب... ولا
حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
ودعماً للعمل الذي قام به المكتب الولائي، تم تنظيم مهرجان جماهيري كبير بقاعة سينما الرمال في يوم 2 نوفمبر 1993، حضره الشيخ الرئيس ونائبه يومئذ الأستاذ عبد الحميد مداود والدكتور محمد شلبي(9). وقد وكلت إلي مهمة رئاسة وإدارة المهرجان والمداخلات (من تقسيم الوقت، وتنسيق طرح الأسئلة..). وخلال مداخلة الشيخ الرئيس محفوظ نحناح التي لا تبعث، كغيرها على من مداخلاته على الملل مهما طالت مدتها واستغرق وقتها، واسترساله في التحليل وقتا أطول مما كان مقررا،
اضطررت إلى أن أشير عليه بضرورة إنهاء المحاضرة وذلك عبر وريقة وضعتها أمام جهاز الميكروفون.. وإذا بالشيخ الرئيس يلمحها ويلتفت إلي بابتسامته المرحة والمعهودة: «من أين جئتم برئيس الجلسة هذا؟ إنه لم يغفل ثانية واحدة عن الوقت الذي منحني للمداخلة. وها هو ذا يطلب مني أن أتوقف عن الحديث إلى حضراتكم. فسمعا وطاعةّ! وتوقف الشيخ الرئيس فعلا عن الحديث استجابة لرئيس الجلسة. وبالرغم من أن غالبية الحضور قد تضايقوا لأنهم كانوا يتطلعون إلى سماع المزيد من جديد أفكار واجتهادات رمز الاعتدال والوسطية في فقه السياسة ومصطلحاتها، إلا أن موقفه كان درسا حيا وميدانيا في الطاعة التي يتوجب أن ينضوي تحت لوائها كل الأفراد سواء كانوا مقودين أم قائدين. فالانضباط الجاد(10) (La discipline de rigueur) هو حجر الأساس وجوهر النجاح في كل الأمور الدينية منها والدنيوية على حد سواء. ولولا «الطاعة الواعية وليست التبعية المعطلة للحواس، وهي الشورى وقول الحق وليس الانقياد الأبكم»(11) التي صبغت حياة الرعيل الأول من أفراد الأمة الإسلامية لما بلغ الإسلام بكل البلاد التي فتحها وببلاد المغرب خاصة الشأو الذي أعلى شأن أهلها ورفع درجاتهم، حتى خَلَفَ من بعدهم خَلفٌ ضيعوا الوديعة وفرطوا فيما اؤتمنوا عليه.. وصاروا يلهثون وراء المغانم والمناصب ويروجون بالدعاية لها بعد أن كان أسلافهم يتهربون منها ومن الأسباب المؤدية إليها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
"أقرُص".. هو شعار الشيخ الرئيس محفوظ نحناح (رحمه الله تعالى) في النفير الحضاري(12)
في شهر مارس من عام 1993 ذهبت في وفد ثلاثي الأعضاء إلى المقر الوطني للحركة وقتئذ في مهمة كلفنيها المكتب الولائي بقسنطينة. وكانت المهمة تدخل في إطار عملية مواصلة تأسيس القواعد وتمتين هياكل العمل السياسي والتنظيمي
للحركة من أصغر وحدة سياسية على مستوى الأحياء السكنية إلى هيئات الحركة على المستوى الوطني من أمانات وطنية،.. إلخ.
استقبلنا الشيخ محفوظ نحناح بحضور نائبه الأستاذ عبد الحميد مداود. وبعد الترحيب الحار- الذي هو من عادته وديدنه- والبشاشة الكبيرة التي كان يبديها للمتحدثين إليه عبر ابتسامته العريضة التي تنم عن عمق الأخوة وصدق العاطفة وحرارة
اللهجة، توجه إلينا يسألنا عن أحوالنا وأحوال عوائلنا... وقد قدر أن أحد أعضاء الوفد – وهو عضو في مجلس الشورى الولائي بقسنطينة وقتها – كان يعرف شخصا من مناضلي الحركة قد انقطعت أخباره عن الشيخ الرئيس. فعوض أن نبدأ في
مناقشة موضوعات المهمة الرسمية التي ذهبنا لأجلها إلى المقر الوطني، علما بأن ضيق الوقت وكثافة التزامات الشيخ الرئيس أدت إلى تقليص مدة الإستقبال مما اضطرنا إلى التركيز وتوخي الدقة خلال جلسة العمل، فإذا بالشيخ محفوظ نحناح يبادر بالسؤال عن هذا الأخ المناضل، فأسرعت إلى إستئذانه قائلا:«يا فضيلة الشيخ، جوزيت خيرا؛ إنه لحري وجميل أن تسأل عن أفراد الحركة، لكنه يبدو والله أعلم أننا جئنا في مهمة رسمية والأولى أن نناقش معك جدول أعمال المهمة لو تفضلتم؟». فالتفت إليّ بنفس طيبة وتواضع كبير قائلا:«معك حق! "أقرُص"، ما هي مكونات الملف وجدول الأعمال؟». نعم هكذا كان جوابه! لم يكن رد فعله عنيفا، كيف وهو رجل السلم والتسامح، بل تراجع عن موقفه «رغم أن النفس تشعر عند وجوب التراجع بمعنى الهزيمة»(13) لعلمه بأن الوقت هو الحياة، وأن التكاليف كثيرة والأوقات خاطفة كما قال ابن عقيل (رحمه الله
تعالى). وبدلا من أن يرهقني من أمري عسرا ولو بنظرة أو إشارة، شرعنا في جلسة العمل وكأن شيئا لم يحدث! لم يرد رمز التسامح كرد بعض من تليفت عندهم بؤرة الذوقيات ومع هذا وُلوا المسؤوليات الحساسة، بل كان أذنا صاغية للملاحظة التي توجهت بها إلى فضيلته والتي تعد اجتهادا مني – قد يقبل وقد يرفض - نظرا لظروف العمل السياسي وملابسات تلك المرحلة.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على «كمال نصحه وعلمه وإرشاده، ومن عاب ذلك فلقلة علمه» كما قال العلامة المحقق ابن قيم الجوزية (رحمه الله تعالى)(14).
إن موقف الراحل الشيخ محفوظ نحناح يعلمنا جميعا كيف أن الحساسية تبلغ مداها لدى الداعية السوي وأن «الجنة هدف، طريقها الإيمان، والوسيلة الحب، والحارس النظام»(15) فهل من استفادة من هذا الموقف في مجالات الدعوة المتعددة اليوم يمكن التطلع إليها والسير على منوالها لدى مناضلي الحركة - أسأل الله تعالى لي ولهم الهداية والعزيمة على الرشد- خاصة والمسلمين عامة!
تقويمه للذات... حتى وهو يصارع الموت
يعتبر تقويم الذات والتراجع عن المواقف والأقوال التي تصدر عن الإنسان عملية عسيرة قليل فاعلها إن لم نقل أنها أصبحت نادرة أندر من العقيق الأحمر. ويتقلب الداعية فردا مقودا كان أو مسؤولا بين أمرين عندما يقوم بعملية «التقويم لذاته»: أولهما هو نقد ذاته وتجريح نفسه، ولومها أمام الناس، بل والحديث عن نقائصه... وهذا مما لا يجوز شرعا. وثانيهما أن ينقد المرء نفسه حتى ينسحب من تكليف، أو نتيجة قلة ثقة بالنفس، أو أن الشيطان يزين له الأمر ويأتي له عن طريق التقوى والإيمان ليبعده عن فعل الخير. وعموما، يجب على الداعية الإسلامي أن يكون «قواما على نفسه، ومحاسبا لها» كما قال
الحسن (رضي الله عنه).
ذهبت في الرابع من شهر مارس 2003 (الذي وافق الأول من محرم 1424) إلى باريس لزيارة الشيخ الرئيس حيث كان يتلقى العلاج بأحد المستشفيات الباريسية. وقد مضى على آخر لقاء جمعني الله تعالى بفضيلته حوالي تسع سنوات بسبب ظروف خاصة جد عصيبة مررت بها، والحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار.. وكنت قد حملت معي خلال زيارتي
له أحد مؤلفاته الكتابية(16) ألا وهو كتاب «معا نحو الهدف» على أمل أن يوقع لي الإهداء بنفسه. جلست إلى فضيلته - وقد استقبلني على عادته - استقبالا حارا يجعل المرء يشعر وكأنه أحب خلق الله تعالى إلى نفسه. وكان الشيخ الرئيس متعبا من آثار الاستشفاء وخضوعه للتطبيب المكثف. بيد أن هذا الأمر لم يحل دون تجاوبه معي والاستجابة إلى مطلبي وتوقيع كلمة إهداء لصاحب المقال.
بدأ رجل الحوار والمصالحة يتصفح الكتاب ويتنقل بين العناوين والفقرات، ثم التفت إلي قائلا: «كانت الأرواح تحصد والشيخ محفوظ يكتب هذا الكلام!». فوجمت وأطلقت بصري أرضا حرجاً مما سمعت. فرددها ثانية وهو يبتسم، ثم أطلق زفرات عندما قرأ بعض الأسطر من كتابه مجددا وأردف لائما لنفسه ولسان حاله يقول: «لقد جانبت الإصابة في تحاليلي لأوضاع
البلاد خلال تلك الفترة. ولو عدت إلى كتابة هذه الصفحات لغيرت عدسات الإبصار التي كنت أقرأ بها الأحداث!». نعم، لقد تراجع الشيخ الرئيس عن بعض الآراء والأفكار ضمنها تحاليله التي كانت تصدر في أسبوعية «النبأ». لم يصر على اعتبار كتاباته آنذاك بأنها «نخبة عمر، وزبدة دهر، تحوي على المباحث المهمات، وتعين على نزول الملمات، وتنير مشكلات المسائل المدلهمات، ففتحت مقفلات، ونقحت معضلات، ولخصت مطولات..»(17). هل من موقف أبلغ من هذا التقويم للذات الذي جسده الشيخ الراحل وهو يكابد لأواء المرض والمعاناة، ويتجرع مرارة الألم وأوجاعه ويستقبل المنية وإنا لله وإنا إليه راجعون!
بلى، إنني أتحسس في موقفه هذا أمرا آخرا لا يقل أهمية عن «تقويم الذات»: إنه عنصر الواقعية الذي يعد من خصائص الإسلام الحنيف والذي تحمله الحركة الإسلامية الواعية شعارا وتكرسه حالا وتسعى إليها حثيثا لا تمنعها العوائق ولا تكبلها العلائق.
إن تراجع الشيخ الرئيس عن بعض ما كتبه يلفت الانتباه إلى أن خلق الواقعية في حياة العاملين للإسلام مرتبط ارتباطا
وثيقا بحال يعتمد العقل فيها في تقديره للأحكام على منهج التوجه إلى الواقع المادي والإنساني ليتخذ من تدبره ودرسه منطلقا لكل حكم من أحكامه، ولكل اجتهاد من اجتهاداته في تقرير الحقائق المجردة. وبعبارة أوضح نقول مع أستاذنا عبد المجيد النجار:«الواقعية (...) هي منهج في البحث عن الحق يسلكه العقل في التفكير ويكون الواقع عنصرا أساسيا (...) بل هو منطلق ذلك البحث»(18).
إن مهمة بناء الحياة لا تنتظر إذنا ولا تحتكرها طبقة ولا تلزمها صفة زعامة، بل هي مهمة كل من آمن ووعى وانتمى أو حاول الانتماء إلى صف الأنقياء والأتقياء ليعمل صالحا. هذا والله حال يصعب وصفه والتدليل عليه وإنما يُحَسُ بالتجريب والمعاملة، ومن ذاق عَرَفَ كما يقول الداعية محمد أحمد الراشد. فهل سيعرف حملة المشروع الحضاري الإسلامي في قاطرة(19) الحركة كيف يوظفون عناصر «النفير الحضاري» ويعبئون الطاقات والكفاءات التي تزخر بها الأمة لتوجه في سبيل الإنجاز الحضاري ماديا وأدبيا، بحيث لا يكون همٌّ في الكيان الفردي والكيان الجماعي إلا همَّ البناء والتعمير، يتوجه
الجميع لتحقيقه وينخرطون في ملحمة جماعية لإنجازه... فالجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع كما كان يردد الشيخ الرئيس. ونقول كما قال صاحب إلياذة الجزائر وأحد شعراء ثورة التحرير المباركة:
فيا رب عجل بنصر كم وعدت به ** فإن بابك، باب ليس ينغلق(20).
(*) جزائري مقيم بجنيف، سويسرا.
-----------------
(1) الأصفهاني – المفردات، ص 465.
(2) ابن منظور، لسان العرب، مادة شهد.
(3) كالشهيد الذبيح محمد بوسليماني والشهيد علي العايب (رحمهما الله تعالى) واللذين تقاسمنا معهما بتوفيق من الله تعالى أعباء الدعوة حينا من الدهر.
(4) سورة النساء، الآية 114.
(5) ذلك بأن الشيخ محفوظ نحناح لم يكتب مؤلفات كثيرة، بل ألف رجالا ونساء نسأل الله تعالى أن يكونوا خير خلف لخير سلف حتى يقوم الأشهاد...آمين.
(6) La marque déposée
(7) Les droits d’auteur
(8 كانت حركة مجتمع السلم (حمس) تدعى «حركة المجتمع الإسلامي» في بداية ظهورها. بيد أن اسم الحزب غير تماشيا مع الإطار القانوني الجديد للأحزاب السياسية في الجزائر والذي ينظمه الأمر رقم 97-09 المؤرخ في 27 شوال1417
الموافق 6 مارس سنة 1997 والمتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية.
(9) وهو أحد الأفراد الذين غابوا أو غيبوا، ولا ندري مصيره اليوم في عهد المغانم والمناصب..
(10) محمد أحمد الراشد، معا نتطور، دار البشير للثقافة والعلوم، 1999، ص 18.
(11) نفس المصدر، ص 18.
(12) استعرنا هذه التسمية من أستاذنا عبد المجيد النجار حفظه الله تعالى.
(13) محمد أحمد الراشد، تقرير ميداني، دار البشير للثقافة والعلوم، 1999، ص 20.
(14) ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، 4/205.
(15) محمد أحمد الراشد، فضائح الفتن، دار البشير للثقافة والعلوم، 1999، ص 11.
(16) كما قلنا سابقا، فإن مؤلفات الشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله تعالى) من الرجال والنساء كانت أكثر عددا، وأعمق بعدا ممن ثبتوا على منهجه ولم يتكالبوا لهثا وراء عرض الوزارات ودواوين أماناتها وأقبية البرلمان...مما نسمع هنا ونقرأ هناك عبر وسائل الإعلام.
(17) هذا الكلام للسيوطي في مقدمة التعريف بكتاب « فن الأشباه والنظائر» لتاج الدين السبكي (رحمهما الله تعالى).
(18) عبد المجيد النجار، عوامل الشهود الحضاري، دار الغرب الإسلامي، 1999، ص 159.
(19) نرى بأن المشروع الإسلامي يشبه القطار الذي يضم عدة عربات؛ والعربات ترمز إلى التيارات الفكرية المتنوعة في ساحة الحقل الإسلامي.
(20) بيت شعري كتبه مفدي زكريا (رحمه الله تعالى) حينما كان حبيسا في سجن بربروس بتاريخ 28 نيسان/ابريل 1958.