بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - الأخوة الأحبة جميعا
أحببتُ أن أنقل اليكم وصية الشيخ فتحي يكن رحمه الله وأحسن اليه ، أرجو منكم قرائتها بدقة -ولا تنسونا من دعوة صالحة . أخوكم الأمين
الوصيّة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، حبيبنا، وشفيعنا، وقرة أعيننا،ونبينا، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
أكتب إليكم أيها الأحباب، وقد فارقتكم إلى دار المقامة.. فالدنيا كما يصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (دار من لا دار له، ولها يعمل من لا عقل له) فأسال الله تعالى أن يجمعني بكم في الفردوس الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
إلى عائلتي الحبيبة :
إلى الحبيبة الغالية (منى) قواها الله وأجرى على يدها الخير * وإلى (إيمان) وعائلتها الغالية * و(عائشة) وأهل بيتها الأعزاء * و(جنان) وأسرتها السعيدة * و(رابعة) وعرينها المميز * وإلى (سالم) وزوجته الحسيبة النسيبة (ركانة)، أمانة الشهيد أمين عندنا، والأحفاد الأحبة .
إليكم جميعاً وإلى شقيقيّ مجدي وسعدي وعائلتيها، ثم إلى كل أطراف العائلة في لبنان وسوريا، أوصيكم بالتالي:
أوصيكم بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة في الدنيا والآخرة، ذلك أنه (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
وأوصيكم بالتخفيف من هموم الدنيا ما استطعتم، وإلى الانشغال أكثر بهموم الآخرة (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
وأوصيكم بالتحاب والتراحم فيما بينكم، ومع عوائلكم والمسلمين، فمن وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله.
الجوانب المالية :
لم أترك لكم دينارا و لا درهما،
فالله تعالى يغنيكم من فضله، فكونوا بما في يد الله أوثق مما في أيدي
الناس، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
ما يوجد من ممتلكات وعقارات، هو مما
رزق الله تعالى والدتكم الكريمة، ويشهد الله أنه ليس لي فيه أي جهد أو
نصيب، ولست – بفضل الله – كما يحلو للبعض أن يفعل، حيث يوزعون ثرواتهم وما
لديهم على أفراد عوائلهم لغاية في نفس يعقوب، وإبعاداً للشبهات عنهم، و
الله أحق أن يخشوه..
قد يظن البعض أنني سخرت علاقاتي
بالخارج لإثراء وإغناء مؤسسات الجنان، واليوم لا بد من حسم هذه القضية
وهي: أن علاقاتي المميزة بالخارج – وكون زوجتي مؤسسة وصاحبة ثانوية الجنان
– جعلت الجنان الخاسر الأكبر مادياً.. ولله الفضل والمنة، فليس من صاحب
فضل على هذا الصرح التربوي إلا الله وكفى به ولياً.. أما مشروع جامعة
الجنان فهو ليس ملكاً شخصياً‘ بل هي تابعة لجمعية الجنان.
أحمد الله تعالى أن عصمني من التلوث
بالمال الحرام، وأنه ليس لأحد بذمتي قرش واحد، و لن أذكر من لي بذمته بعض
القروض، وادعوا الله أن يعينه على السداد، و يسامحه في حال عدم الاستطاعة،
وان يفرج كروب المسلمين أجمعين.
إلى إخوتي في الجماعة..
إلى الشيخ فيصل
مولوي الأمين العام، وأعضاء مجلس الشورى، و أعضاء المكتب العام، و جميع
الإخوة المسؤولين في مؤسسات الجماعة و أجهزتها المختلفة .
أخاطبكم اليوم
من موقع غير المواقع التي كنت أخاطبكم منها، حيث لم يلق خطابي يومذاك أي
استجابة منكم! ولعلكم تصغون اليوم وتستجيبون إلى ما كنتم عنه معرضين، وفي
ذلكم فلاحكم ونجاحكم وتوفيقكم في الدنيا والآخرة ، وفي غيره تعثركم وفشلكم
وخسارتكم ، والله أسال أن يلهمكم الأولى، وينأى بكم عن الثانية.
أزمة قيم وزغل نفوس:
لكم حاولت أن
أبين لكم أن ما أصابنا إنما هو نتيجة لزغل في النفوس وأزمة في القيم،
وكنتم تصرون على غير ذلك، وتعيدون الأمر إلى غير ذلك، ولكأنكم كنتم
تراهنون على الأخذ بالرؤية السياسية لا بالرؤية الشرعية!
إن من كبريات مشاكلنا أننا بتنا نقرب
الموالين ولو كانوا أشقياء ونبعد المعارضين ولو كانوا أتقياء، و أرجو أن
لا تغضبوا من صراحتي، فلقد كنت حريصاً على مخاطبتكم بها في حياتي، فكيف
بعد مماتي، ومن دنيا الحق التي انتقلت إليها!
عمدتم إلى اختصار الدعوة في نفر منكم،
فكان أن ضاقت دائرة الكفاءات من حولكم، وابتليتم بالفقر في الرجال
والكفاءات، ولكم كانت كثيرة و نوعيّة.
مشيتم بالريبة في إخوانكم السابقين
والمؤهلين والمبدعين والكبار، حتى أنه لم يبق واحد من هؤلاء إلا ورسمتم من
حوله علامات استفهام، والمهم أن تبقى علامات الاستفهام بعيدة عن ملعبكم!
فأسقطتم بذلك معظم القيادات السابقة من أعضاء مجالس الشورى والمكاتب
العامة والإخوة العاملين وغيرهم!
عاقبتم من أحسن إلى الجماعة وأحسنتم
إلى من أساء إليها، بل إنكم شجعتموه على الإساءة حتى استمرأها وامتهنها،
بالرغم من إنكار الكثيرين هذا الصنيع عليكم!
وعدتم بالإصلاح وأخلفتم في وعدكم، وكان همكم تنفيذ حرفية النظام والتشبث بالمواقع وكان يؤدي ذلك إلى استمرار الأزمة وإلى استفحالها!
كانت الجماعة أمل أهل السنة والجماعة
في لبنان وخارجه، ومحل احترام وتقدير غير المسلمين، و كان أعداء الإسلام
يحسبون لها ألف حساب، فكيف هي اليوم في نظركم، وكيف هي في نظر الآخرين؟ و
لعلكم ترون أنها على خير ما يرام!
إن سوء تعاملنا مع السياسة، وسوء
تسخيرنا للنيابة أو تسخيرها لنا، شكلاً بؤرة العلل في بنيتنا التنظيمية،
وأحدثا خللاً لا يتصور في ما يسمى (توازن وأوليات الاهتمامات) وانعكس ذلك
مباشرة على أدائنا التربوي والدعوي:
فذبلت محاضننا التربوية، وفجع الإخوة
بظهور حالة انفصام كبيرة بين قولنا وفعلنا.. فكفر البعض بالسياسية و
السياسيين والنيابة و النواب، فيما يئس البعض الآخر و تراجع إلى أن اختفى
عن مسرح الدعوة دون أن يشعر به أحد، أو يسأل عنه أحد!
وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك كذلك على
حركتنا و نشاطنا الدعوي، الذي هو مبرر وجودنا، و ملاك أمرنا، فغدونا دعوة
من غير دعاة و حركة بدون حركيين، و استمر هذا الأمر حتى كتابتي هذه السطور!
أخيرا...
لكم أن تستجيبوا أو لا تستجيبوا،
وأملي أن تكون الأولى، فتعيدوا النظر في كل شيء. وفي أنفسكم أولاً.. في
تقواكم وصدقكم مع الله.. في إخلاصكم لله.. في إقبالكم على طاعته.. في
إدباركم عن معصيته، في إحياء فريضة الحسبة، وسنة الثواب و العقاب، فيما
كسبتم ووردكم من أموال ونِعم، في كيفية وصولها وإنفاقها، وفيما هو مال عام
وآخر غير عام، فيما هو لكم وما هو محرّم عليكم، في مسؤوليتكم عن إخوانكم
البعيدين والمبعدين، فالله يسأل عن عشرة ساعة..
إن كنت أسأت فسامحوني، وما قصدت إلا الإصلاح، والدين النصيحة، ولئن أغضبكم كلامي، فغضب الله أكبر وسخطه أعظم وأخطر..
أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولكم ،
ويجمعني بكم في الفردوس الأعلى، في صحبة سيد الأنبياء والمرسلين، مع
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
قد بلغت.. اللهم فاشهد.. ووفق وسدد..
وحسبي الله ونعم الوكيل
أخوكم الطامع بعفو ربّه
فتحي يكن
رحمك الله يا شيخنا واحسن الله اليك وألحقنا بك
هذه الوصية نقلتها حرفيا من كتاب الشيخ ( ليت قومي يعلمون )