كيفية تصحيح الخطأ عند المراهق
أنا أدعو مجموعة من المراهقين، وبالطبع يقع المراهقون في أخطاء كثيرة، ولكني لا أعرف ما هي الطريقة السليمة لتصحيح أخطائهم؟
الرد بقلم: أحمد صلاح:
أخي الكريم: مشكلة تصحيح الخطأ عند المراهق تكمن بالدرجة الأولى في الشخص الذي يوجه النصح، ويحاول أن يصحح له الخطأ، فكلما كان هذا الشخص قريبًا إلى درجة الصداقة، أو على الأقل الشخصية اللطيفة المحببة إلى قلبه، وغير المتسلطة؛ كلما كان من السهل تصحيح الخطأ وتعديل المسار، وكلما كان هذا الشخص علاقته سطحية بالمراهق، أو علاقة أستاذ بتلميذ، علاقة أكاديمية بلا روح ولا عاطفة؛ قلَّت درجة الاستجابة.
وعمومًا.. لا بد أن تتميز العلاقة بين الشخص الناصح والمراهق بالمحاور الآتية:
أولاً: الصداقة
والصداقة لا تنفي الأستاذية والقدوة، بالعكس فهي تدعمهما، طالما كانت قائمة على الاحترام المتبادل، والصداقة تعني البساطة في الحديث مع المراهق، واحترام مشاعره، والوقوف بجانبه في المشكلات ومشاركته اهتماماته، بل واللعب معه أيضًا.
ثانيًّا: القدوة
بطبيعة الحال، أنت لا يمكن أن تدعو شخصًا إلى اجتناب خطأ أنت تفعله، ويراك وأنت تفعله؛ بل لا بد أن تكون شخصًا مُقنعًا له بسلوكك وثقافتك، وكلما تعلَّق بك كمثل أعلى يريد أن يقلده في أمور كثيرة؛ كلما كانت سرعة استجابته لك أفضل.
ثالثًا: الحوار
المراهق لا يحب التسلط والقهر والأوامر؛ فهذه هي مشكلات المراهقين مع الوالدين، والتي تسبب الهروب من المنزل، وتكوين صداقات سلبية خارجه، هو يبحث عمن يحترم تفكيره ويناقش أفكاره بهدوء وبلا عنف أو سخرية، أو اتهامه بالتفاهة، يريد من يترك له مساحة من الحرية للتجربة والخطأ، يريد من يحمله مسئولية أعماله، يريد من يقف بجانبه إذا أخطأ، لا من يتشفى فيه ويعلن انتصاره عليه، ويرميه بسهام الإحباط والفشل.
إلا أن هناك أمورًا في فنيات النصح نفسه يجب مراعاتها:
1- لا يكون النصح بين أقرانه؛ فأنت تسبب له بذلك الإحراج الشديد، وتجعله يتخذ ذلك مبررًا لعدم الحضور، بل والهروب منك شخصيًّا، إلا إذا كان الأمر يتعلق بتقييم عمل خدمي أو ترفيهي مثل رحلة أو حفل للأيتام.. إلخ، وطبيعة التقييم فيه أن تكون علنية.
2- ألا تبدأ النصيحة بالهجوم، ولكن اطلب منه أولاً أن يوضح وجهة نظره فيما حدث أو فيما يفعل، ابدأ بسؤال استفساري، واستمع لرأيه باهتمام، ثم تبادل معه النقاش، ولا تصر على اقتناص اعتراف منه بالخطأ إذا أدركت أنه اعترف بذلك ضمنيًّا أثناء الحوار، لا تتجه في الحوار إلى إحراجه؛ بل احفظ ماء وجهه بأنه من الممكن أن يكون تعرض لضغوط معينة أوقعته في هذا الخطأ، ثم اقترح عليه الحلول العملية للتغلب على هذه الضغوط مرة أخرى.
3- اذكر إيجابيات فعلها أثناء ارتكابه الخطأ؛ لترفع من معنوياته، وتجعله يحسن استقبال كلامك.
4- تابع تصحيح الخطأ.
5- تدرج في علاج الأخطاء، وتحلَّى بالصبر الجميل، فالزمن جزء من العلاج.
6- لا يمكن أن تعالج كل الأخطاء مرة واحدة، ضع أولويات لما تريد أن تعالجه، وتغاضى عن الباقي، أو ألمح إليه من بعيد دون تركيز حتى يأتي دوره.
7- بالاتفاق معه (إن أمكن)، قم معه بلعبة تبديل الأدوار؛ بحيث تجعله في موقف الشخص الذي أخطأ في حقه، أو الشخص الذي يحاسبه على خطأه، حتى يدرك ماذا يشعر به، وما الضغوط التي يتعرض لها.
مثال: إذا كانت هناك مشكلة بينه بين والده، ألِّف تمثيلية صغيرة يقوم هو فيها بدور الأب، ويقوم آخر بدور الابن الذي يقوم بنفس الخطأ، واسأله بعدها عن شعوره ووجهة نظره الجدة في الأمر.
8- الدعاء المستمر والمتواصل؛ فإن الدعاء يختصر الوقت والجهد، ويحقق ما نريده برحمة الله وفضله، بعد سعينا والأخذ بالأسباب.
وفقك الله أخي الحبيب في دعوتك، وجعلك سببًا من أسباب الهداية لغيرك؛ فلئن يهدي الله بك رجلاً، خير لك من الدنيا وما فيها.[b]