هل من طريقة عملية أقترب بها من الله وابتعد بها عن الشيطان
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
هدا السؤال كثيرا ما يطرحه الشباب المقبل على طاعة الله عزوجل و لأن الحرب بين الشيطان و عبادالله المؤمنين أبدية وجب على المقبل إلى الله من وسائل و طرق يحصن بها نفسه و تعينه على الخير
وفي البدايةدعوني أسرد لكم موقفاً حصل للإمام سفيان الثوري من أروع ما قرأت في حياتي ؛ فقد جاء رجل للإمام سفيان الثوري فقال له : يا إمام إنِّي أجد ألم البعد عن الله فما العمل ؟
فقال له سفيان : يا هذا عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع ، ضع ذلك في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية ، وصفه بمصفاة المراقبة وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد نفسك عن الحرص والطمع تشفى من مرض قلبك بإذن الله.
إخوتي وأخواتي :
أسأل الله لكم في البدء أن يثبِّت قلوبكم ، ويسهِّل أموركم ، و ييَسِّر دروبكم ، وأن يهيئ لكم من أمره رشدا ، وإجابة على هذا السؤال إليكم هذه الطرق التي أسأل الله أن ينفعكم بها ، ويشرح صدروكم لقبولها :
1ـ الصحبة الصالحة ..... بادروا وثابروا وحاولوا إلى أن تتخذوا أخداناً ورفقاء ناصحين ، يبيِّنون لكم طريق الهداية ، ويحفظونكم من سبل الضلالة ، ولكم أن تتأمَّلوا قوله تعالى
الأخلاَّء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلاَّ المتقين) الزخرف(67) فالناس يوم القيامة في عداوات ومشاحنات إلاَّ من تحابُّوا في ذات الله ، ولأجل الله ، وكانوا ناصحين وصادقين في صحبتهم ، وقد قيل :صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك !
أمَّا أصدقاء السوء ففرَّوا منهم فراركم من الأسد ، وأعرضوا عنهم خصوصاً في بداية توبتكم حتَّى لا يستجرُّوكم وأنت في بداية طريقكم التوبة إلى ما حرَّم الله ، وقد قال ـ تعالى ـ
وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع).
2ـ الانخراط في مشاريع خيريَّة سواء أكانت إغاثيَّة أو دعويَّة ، والاندماج في تلك المشروعات الحيويَّة التي تحيي القلوب ، فإنَّ هذا من صفة المؤمن العامل لدينه ، ويا لله ما أحسن وأروع كلمة الإمام مالك بن دينار حيث قال
إنَّ صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر ، وإنَّ صدور الفجَّار تغلي بأعمال الفجور ، والله ـ تعالى ـ يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله) أخرجه أحمد في الزهد (451)
إنَّ هذه الأعمال الخيرية تجعل النفس قريبة من الناس بالإحسان إليهم، والعمل على قضاء حوائجهم ، وقد جاء في الحديث
لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا) أخرجه الطبراني وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع برقم(176) .
ومن تلك الأعمال دعوة الناس بتبيين الحقِّ لهم ، فإنَّه عليه السلام يقول
بلِّغوا عنِّي ولو آية)أخرجه البخاري (3274) عن عبد الله بن عمرو....
3ـ أدعوكم ـ أخوامب أخواتي ـ لزيارة المستشفيات وخصوصاً المستشفيات المعروفة بأنَّ أكثر من فيها مرضى مزمنون ، ومرضهم لا يبرأ ، فستعلم كيف هي نعمة الله عليك ، وستشعر قطعاً بفضله ومنَّته عليك فتزداد شكراً لله تعالى.
4ـ لا تنسوا زيارة المقابر وتذكر الآخرة ، وقد كان بعض السلف الصالح يضع نفسه في قبر ويتخيَّل أنَّه مكان ذلك الرجل المقبور ، وكيف أنَّ الديدان تحتوشه يميناً ويساراً وتنهش من جسمه الطري، فيستعد للقاء الله ، ويقبل على الله كثيراً ، ولهذا فقد قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّها تذكركم الآخرة) أخرجه احمد بسند جيد.
5ـ قراءة قصص التائبين إلى الله والعائدين إلى حياض الإيمان ، ففيها ما فيها من تقوية النفس ، ومعرفة سعة رحمة الله ، وعلو الهمَّة في الازدياد من الطَّاعة والالتجاء إلى الله .
6ـ قراءة سير الصالحين وعلماء المسلمين وأدعوكم إلى الاطِّلاع على سيرة الأئمَّة عبد الله ابن المبارك ، والفضيل بن عياض ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، وابن تيميَّة .
7ـ حاولوا بقدر الإمكان حين تعصون الله تعالى ،أن تقوموا وتصلِّوا صلاة التوبة ، أو على الأقل تصلوا ركعتين ستجدون حينها طمأنينة عجيبة ، و إلحاق تلك المعصية بالاستغفار والتوبة.
8ـ لا تنسوا الأذكار عموماً ، المأثورات وأذكار النوم ودخول الخلاء خصوصاً.
9ـ الارتباط بحلقات تحفيظ القرآن ، والبدء بمشروع حفظ القرآن ، وكفاكم فخراً وبشارة بأن تكونوا من خيار هذه الأمَّة حيث قال صلى الله عليه وسلم
خيركم من تعلم القرآن وعلمه)متفق عليه.
10ـ اجلسوا جلسات إيمانيَّة مع أصحابكم ، واحضر دورس العلماء ومحاضرات الدعاة والمربين ، وقد كان معاذ بن جبل يقول لأصحابه
تعالوا بنا نؤمن ساعة) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان بسند صحيح.
11ـ ما أجمل أن تخصصوا لكم عبادة لا يعلم بها أحد إلاَّ الله ، وقد كان يقول أبو الدرداء رضي الله عنه
ينبغي أن يكون للعبد خبيئة لا يعلم بها أحد إلاَّ الله) فإمَّا أن تصوم الإثنين والخميس ، أو تصوم الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر ، أو تقوم الليل ولو مرَّة في الأسبوع ، أو تصلِّي صلاة الضحى.
12ـ حاولوا قدر الإمكان أن تبتعدوا عن أماكن الشبهات ، ومواطن الإثارة للشهوات، من صديق أو مذياع أو تلفاز أو نادي ، خصوصاً إن علمتم أنَّكم قريبون من المعصية في هذه الحالة.
13ـ ما أجمل أن نقف وقفات مع أنفسنا و نحاسبهخا على ما فعلت في خلال اليوم و قد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم
14ـ من الحسن أنَّ يكون لنا جلسات تفكُّر في مخلوقات الله ، والتدبر في عجيب وجميل صنع الله في مخلوقاته ، وفي هذا الكون الفسيح ، ونحن إذا فعلنا ذلك فسندرك كيف هي قوَّة الإيمان التي تشعر بها في قلوبنا ، ونكون بذلك متأسِّين بقوله تعالى
إنَّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار).
15ـ قراءة الكتب التي تتحدَّث عن الإعجاز العلمي في القرآن وفي الكون الفسيح وفي خلق الإنسان ، ومن أكثر من أبدع في ذلك الشيخ العلاَّمة عبد المجيد الزنداني ، والشيخ الدكتور توفيق علوان.
16ـ فلنجعل العمل الذي نعمل فيه بمرضاة الله ، ولنجعله طريقاً للعبادة وليس مجرد مصدر للرزق، ولنستشعر فيه الأجر من الله.
17ـ العمل مع جماعتنا فإنَّ العمل في جماعة يعطينا زاداً قوياً في الطاعة ، وأما أن تعمل لوحدك فإنَّ هذا قد يؤدِّي بك للفتور والارتخاء ، وقد قال عليه الصلاة والسلام
إنَّما يأكل الذئب من الغنم القاصية) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي.
وفقني الله وإياكم وزادكم من تقاه ........وأدعو لكم الله بالثبات والتوفيق .