د. سعد بن عبد الله العباد
يصاب العديد من الناس بالهلع أو الخوف أو ربما القلق عند تلامس كلمة التغيير مسامعهم . لماذا؟
هل هو الخوف من التغيير أو الخوف من التغيير ذاته؟
إذاًِ يبقى هاجس التغيير أمراً غير مقبول، أو قل غير مستساغ عند العديد من الناس، بيد أن هذا التغيير ليس كله سيئ؛ بل ربما يكون التغيير إلى الأفضل والأحسن كنمو الإنسان والنبات وغيرها.
يبقى التغيير إحدى السنن الكونية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى، ولكن المهم كيف نتلقى هذا التغيير ونحسن التكيف معه، ونكون متماشين معه لا ضحية له.
التغيير هو : النمو والتقدم والرقي على المستوى الفردي أو الجماعي مع احتمالية وجود المخاطرة.
احتمالية هذه المخاطرة تجعل الناس يترددون في الإقدام على عملية التغيير، يقول Anthany Robbins في كتابه (أيقظ المارد الكامن): "والحقيقة أن معظم الناس يجمحون عن التغيير لأنهم يخافون أن يكون مؤقتاً، ولذلك فهو لا يستحق المعاناة أو المحاولة".
وعندما تقرر أنت أن واقعك يحتاج إلى تغيير، وتعقد العزم والتحدي والمخاطرة على التغيير نحو النمو والتطور بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه ثق بأنك سوف تحصل على ما تريد .
من منا لا يريد أن يغير من نفسه، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي إلى الأفضل، ويرتقي بها إلى صفوف الناجحين والمبدعين؟
منا منا لا يريد أن يغير الواقع الذي هو فيه إلى واقع أفضل يتسم بالحيوية والنشاط والفعالية الإيجابية والإنتاجية؟.
إن هذا هو طموح ورؤية الناس الفاعلين والإيجابيين والمنتجين والسعداء. إذاً لنبدأ ولتكن واحداً من الذين يقودون التغيير ويجعلونه مطية لهم لتحقيق النجاحات تلو النجاحات.
بداية نسأل لماذا تريد أن تغير من حالك؟
وقد يكون جوابك أنك غير راضٍ عن واقع وتريد الأفضل. وهذا جيد؛ بل رائع لأنك وضعت قدمك على أول درجة من سلم التغيير، لتكون قائداً للتغيير لا تابعاً له.
مسببات حدوث التغيير/
1- التمرد على الواقع الحالي وإنكار الذات وإعلان حالة العصيان على الواقع السيئ، والإنذار بوجود مشكلة ملحة تدعو للحل العاجل قبل فوات الأوان. إذ أن التغيير يبدأ من الداخل قال تعالى ( إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .
2- الرغبة هي نصف المشوار فما دامت هناك رغبة فهناك نتيجة، بل إن هذه الرغبة سوف تعطيك الدعم والقوة اللازمة لإحداث التغيير أو التعامل معه بسهولة.
يقول Jeffrey Pfeffer في كتابه (الموارد البشرية كقوة تنافسية): " إذا لم يكن هناك شعور بالحاجة إلى التغيير فلن يكون هناك تغير" ويقول Francis Gouilart & James N. في كتابهما (تحويل المنظمة):" لا بد أن يمر الفرد بما يطلق عليه دائرة التغيير أو دائرة المعاناة" .
إن التغيير ليس وصفة سحرية أو دوائية تؤخذ في كل مكان وزمان، بل لا بد لكل مكان عمل التغيير المناسب والملائم لظروف ومكونات هذا المكان والزمن الخاص به والأشخاص المناسبين له.
يقول Anthony Robbins: " لكي يكون التغيير ذا قيمة ينبغي له أن يكون مستمراً ومنتظماً ومنظوراً ويرتكز التغيير الناجح على ثلاثة مبادئ أو خطوات أساسية هي:
1- ارتق بطموحاتك ومعاييرك، فكر بالقادة العظماء الناجحين وكيف سارت حياتهم في الاتجاهات التي رسموها لأنفسهم.
2- تخلص من الاعتقاد الخاطئ بأنك محدود الإمكانات، عندما ترتقي بطموحاتك يجب أن تؤمن وتعتقد بأنك قادر على تحقيقها، فعندما نغير المعتقدات؛ فإننا نغير معها المستحيل إلى ممكن، والصعب إلى سهل والخارق إلى عادي والمشكوك فيه إلى المؤكد.
3- ابحث عن الاستراتيجيات والطرق التي سوف تسلكها نحو تحقيق هذه الطموحات، والطريق يبدأ بالاحتكاك والاحتذاء بالناجحين والبارزين والعظماء والتجارب الناجحة التي سوف ترسم لك المحاكاة والانطلاق لا التقليد الأعمى.
مواطن التغيير/
1- المستوى الشخصي أو الحياة الخاصة وما يتعلق بها من الارتباط مع الخالق سبحانه، وكذلك عواطفك وأحاسيسك ومشاعرك والمستوى المعرفي والمهاري والجسماني وإمكاناتك وقدراتك.
2- العلاقات وهي تشمل كل من حولك من الأسرة والأصدقاء والجيران.
3- المستوى الوظيفي وأعمالك وما تشمل من العمل والموظفين وكل ما له صلة بمحيط العمل.
لا شك أن القيادات وأنت واحد منهم يشجعون على التغيير، بل ويدعون إليه بشكل إيجابي، ويوفرون البيئة الملائمة لأي تغيير يأتي بثقة وعزم وثبات ، كما يقول Theodore Levitt في كتابه (تأملات في الإدارة): "ويشجع القادة التغيير وكل من يسعى إليه بشكل إيجابي". إن التعامل مع التغيير يحتاج إلى صفات قيادية تروض أمواج التغيير وتستفيد منها في تسيير المركب في بحر الحياة.
نصل الآن وإياك إلى أهم مرحلة في عملية قيادة التغيير.
وهي: كيف أبدأ التغيير؟/
1- نقد الذات :
اشحن مشاعرك وأحاسيسك في نقد الوضع القديم .
يقول الدكتور (صلاح الراشد) في خطوات التغيير الفعال:
2- اتخاذ القرار:
اتخذ قراراً لا رجعة فيه في تغيير وضعك القديم، وخذ عهداً على نفسك بتغيير وضعك القديم واتخذ قراراً في أنك مسؤول عن أفعالك وأقوالك المستمرة، انتبه فعندما لا تتخذ القرار فأنت اتخذت قراراً بعدم اتخاذ القرار.
3- التخطيط للتغيير/
لا بد أن تخطط لحياتك ومصيرك، وإلا فسوف يخطط لحياتك آخرون، التخطيط سمة من سمات الناجحين، لا تترك حياتك للأحداث والظروف، خططت لما تريد لا إلى ما لا تريد.
4- برمج قناعاتك وفقاً لما تريد/
القناعات هي النظام الأقوى في تغيير الأفراد والجماعات، كل تصرف أو سلوك سواء كان إيجابياً أو سلبياً وراءه قناعة من أمثلة القناعات الإيجابية " الفشل طريق النجاح" وغيرها، ومن الأمثلة لقناعات سلبية " الخير يخص والشر يعم".
5- تحكم في تصرفاتك:
مصادر الإحساس والإدراك في أجسامنا تنقل إلينا أخباراً ومعلومات عن العالم الخارجي فتكوّن صوراً، فتكون لها خرائط . لذا انتبه ما نرسمه في ذهنك عن الأشياء سوف يخرج سلوكاً سواء سلبياً أو إيجابياً. إن ما ترسمه في أذهاننا سوف يشكل لنا قناعات وهذه القناعات هي الدافع لسلوكنا . لذا كن مميزاً لما تتلقاه وصنفه التصنيف الصحيح وارسم له الصورة الصحيحة والمناسبة له". (انتهى كلام الدكتور صلاح).
6- الاحتكاك والملازمة للناجحين:
تعرَّف إلى الطرق العملية التي سلكت بالناجحين إلى تحقيق غاياتهم وأهدافهم بالملازمة واللقاءات والندوات والتدريب وغيرها، ثم انطلق أنت وقُد تغيير ذاتك ومنظمتك إلى ما خططت إليه . يقول John.P. Kotter في كتابه (قيادة التغيير): " يمكن أن يعمل برنامج التغيير في مراحل متعددة في آن واحد لكن إلغاء خطوة أو التوغل دون أساس متين يسبب المشاكل".
وأخيراً..
تذكر أنك لن تتغير حتى تقنع نفسك بالتغيير لأن التغيير يبدأ من الداخل.