السلام عليكم
القدس مدينة و حكاية
· كانت تسمى باسماء عديدة على فترات..كل فترة باسم شأنها كشأن غيرها..... حتى جاءوا و أطلقوا عليها الأسم الأخير الذي ظل مخلدا ابد الدهور ... و هو لم يكن غريبا عنها فهو اسمها الأصلي الذي كانت لابد أن تتسمى به ..لتنطبق الصفة على الاسم.. و ليمتزج الأسم بالصفة و يحلقان في وجدان الروح و القدسية .
· كان طويل القامة..مهيب الركن فيه صفات القادة و العظماء... يا للعجب يرتدي جلبابا بسيطا به اربع عشر رقعة ..يركب دابته و يشترك فيها خادمه..هو حينا و خادمه حينا .
· كان هذا القائد العظيم على موعد عظيم..موعد فاصل في تاريخ الأنسانية..هذا القائد الذي لم يترك مدينته ابدا الا للحج..تركها ليشهد هذا الفتح المبين..و ليمضي على صك الحرية و الأيخاء..و الحب و السلام .
· فتحها عمر و من غيره و من غيرها ... جاء أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب و فتح مدينة "الياء" في حدث تاريخي مشهور و عقد اتفاقية العهدة العمرية الشهيرة و رجعت المدينة الى ردائها الأصلي.. الأسلام . وجد أمير المؤمنين أنها رجعت لأصلها فلابد أيضا أن يعود لها اسمها الحقيقي حتى و ان لم تتسمى به من قبل فكانت مدينة القدس ...
· و لم يكن اختيار المسلمين لهذا الأسم عشوائيا فهم يعرفون التاريخ جيدا.. و يفهمون الايات القرانية جيدا.. فقهوا قول الله تعالى على لسان نبي الله موسى – عليه السلام – " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ " سماها المولى الأرض المقدسة فلا غرابة أن يسموها مدينة القدس .
· كما فقهوا الآيات الكثيرة التي تحدثت عن فضل مدينة القدس و أرض فلسطين كلها..تأملوا معنا الأيات الكريمة ... هذه الأية تتحدث عن نبي الله ابراهيم – عليه السلام – " وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ " .. و الأيه الكريمة " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا " .. و غيرها من الأيات التي وصف الله سبحانه و تعالى أرض فلسطين و من القلب فيها القدس بالبركة.. و ان تأملنا أكثر و أكثر نجد أن الله سبحانه و تعالى نسبها اليه " باركنا" تعظيما و تشريفا لهذه الأرض المباركة .
· قاعدة قرانية : لم تذكر أرض فلسطين في القرآن ألا وقيل عنها الارض المباركة أو المقدسة و لا يمكن أن تذكر إلا وأن يذكر معها المرسلون:
كما أقسم الله سبحانه و تعالى بها فقال " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)" والتين و الزيتون هما جبلين من الجبال الأربعة المقامة عليخا القدس كما تشتهر هي بزراعتهما .
· و لا شك أن هناك أيضا سبب من أسباب قدسية هذه المدينة و بركتها... هذا السبب زاد اليها تشريفا و تعظيما و اجلالا.. هذا المكان ألقى الله سبحانه و تعالى محبته في قلوب المسلمين و جعل الأفئدة تهوي اليه .. مكان مقدس و مبارك و مبارك ما حوله ..
· نعم هو المسجد الأقصى الذي ذكره الله سبحانه و تعالى في القران الكريم في صدر سورة الأسراء... و نعته بالبركة و نسبه أيضا اليه " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ .."
و لنا هنا مع هذه الأية وقفة بل وقفات :
· أن المسجد ذكر صراحة بالأسم كما قلنا انفا .
· أنه مكان مبارك و كل ما حوله مبارك و كما ذكر العلماء و المفسرون أن هذه البركة تشمل جميع أرض فلسطين و أخرون قالوا بل هي أرض الشام كلها فاذا فلسطين أرض مباركة و بها المسجد الأقصى المبارك .
· أن الله سبحانه و تعالى ربط بينه و بين المسجد الحرام..ليدل على قداسة المسجد الأقصى و انه دائما مرتبطا بالمسجد الحرام و دائما مرتبطا بعقيدة الأسلام فهو ملكا لنا .
· رحلة الأسراء و المعراج هي أعظم رحلة في تاريخ الأنسانية و هي رحلة أرضية و رحلة سماوية و رحلة غيبية.. و قد شرفت بأعظم مكانين في الأرض حينها .. فكانت محطة البداية هو المسجد الحرام و كانت محطة النهاية هو االمسجد الأقصى ... مكان مقدس و مبارك الى مكان مقدس و طاهر أيضا .
· و شرف المسجد الأقصى أنه يكون محطة نهاية لرحلة الأسراء و أيضا محطة بداية لرحلة المعراج الى السماء و أيضا محطة النهاية لرحلة الهبوط من السماء فالرسول – صلى الله عليه و سلم حين هبط من السماء هبط الى المسجد الأقصى رغم انه من الأيسر و الأسهل أن يهبط مباشرة الى المسجد الحرام لكن الله سبحانه و تعالى أراد أن ينبهنا و يذكرنا أن المسجد الأقصى ملكا للمسلمين و انه مقدس و مبارك مثل المسجد الحرام .
و بالطبع لم يغب المسجد الأقصى عن السيرة النبوية الشريفة.. و لم يغب عن أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم و نلاحظ أيضا أن المصطفى في كل أحاديثه يربط بين المسجد الحرام و المسجد الأقصى و أحيانا المسجد النبوي و في ذلك أن هذه المساجد الثلاثة مقدسة عندنا و من فضل و مكانة المسجد الأقصى :
· هو المكان الوحيد في الأرض الذي اجتمع فيه كل أنبياء الله من لدن آدم عليه السلام حتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، في أعظم اجتماع في التاريخ ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالأنبياء إماماً في ليلة الإسراء إقراراً لإمامة أمة محمد على المسجد الأقصى ، وإعلان وراثة ( خاتم الأنبياء ) لمقدسات الرسل " لا يؤم الرجل في بيته " لذلك فهو ملك للنبي محمد و ملك لأمته
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه و سلم - : "أُتيتُ بالبراق – وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه – قال : فركبت حتى أتيت بيت المقدس ، قال : فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت ، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، فقال جبريل : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء .
· المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام بمكة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال "قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع فى الأرض أولا؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة" (صحيح البخاري)
· و يزداد المسجد شرفا أنه قبلة المسلمين الأولى فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : صليت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً .
· و يأتي ترابط بين المساجد الثلاثة في القدسية فعن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا "
· لذلك فقد شد إليه الرحال جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم وقصدوه بالسكنى والعبادة والوعـظ ، منهـم : أبو عبيدة بن الجراح و عمر بن الخطاب و معاوية بن ابي سفيان و عمرو بن العاص وبلال بن رباح ومعاذ بن وخالد بن الوليد وعبادة بن الصامت ، وتميم بن أوس الداري ، وعبد الله بن سلام
· كما أن فضل الصلاة في المسجد الأقصى كبير و عظيم و فيه تطهير من النوب و الخطايا
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " فَضْلُ الصَّلاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلاةٍ ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاةٍ ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُ مِائَةِ صَلاةٍ "
· و أخرج النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: حكما يصادف حكمه ، و ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فقال النبي " أما اثنتان فقد أعطيهما ، وأرجو أن يكون أعطي الثالثة .
· «أن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله .
· عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يرد فيها كل منهل إلا الكعبة والمدينة وبيت المقدس
مظاهر الارتباط بين المسجدين العظيمين المسجد الحرام والمسجد الأقصى
· من انهما البيت الاول " المسجد الحرام" والبيت الثاني " المسجد الأقصى ..
· كلا المسجدين بني في عهد ادم عليه السلام.
· العرب ... سكان مكة وبيت المقدس الأوائل.
· القبلة الأولى " المسجد الأقصى" و الثانية " الكعبة" .
· الإٍسراء من البيت الحرام الى بيت المقدس.
· صلاة النبي صلى الله عليه وسلم اماماً بهما.
· جمعتهما آية واحدة في قلب القرآن.
· البركة.
· مهبط الملائكة.
· دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهما.
· مضاعفة الأعمال و الأجر .
· كما أن المسجد الأقصى به الصخرة المقدسة التي وقف عليها الرسول صلى الله عليه وسلم اماما بالمرسلين و من عليها عرج به الى السماء
و من فضل الصخرة
· قبلة الأنبياء
· معراج رسول الله
· موقع اللقاء بالأنبياء في رحلة الإسراء
· أشرف مكان من الأقصى
· مكان النداء يوم الحشر
· ويدل روعة البناء واهتمام الخلفاء بها على أهميتها " مبني عليها مسجد قبة الصخرة .
· ماذا قال الصحابة في القدس و المسجد الأقصى :
أنس بن مالك: إن الجنة لتحن شوقاً إلى بيت المقدس وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس
عبدالله ابن عباس : البيت المقدس بَنَتْهُ الأنبياء وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلّى فيه نبيّ أو قام فيه ملَكٌ،
عمر بن الخطاب: ”نعم المسكن بيت المقدس، القائم فيه كالمجاهد في سبيل الله، وليأتين زمانٌ يقول احدهم ليتني لبنة في بيت المقدس“
الإمام الشافعي : أحب أن أعتكف في المسجد الأقصى .
كما عاش في فلسطين العديد من السلف الصالح منهم
· مالك بن دينار، وأويس القرنى، والإمام الأوزاعي، وسفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، ومقاتل بن سفيان، والليث بن سعد، ووكيع بن الجراح، والإمام الشافعي الذي كان يعتكف فيه، وأبو جعفر الجرشي، وبشر الحافي، وثوبان بن يمرد، وذو النون المصري، وسليم بن عامر، وبكر بن سهل الدمياطي، وأبو العوام – مؤذن بيت المقدس، وسلامة المقدس الضرير، وأبو الفرج عبد الواحد الحنبلي، والإمام الغزالي الذي ألف الإحياء من أجله، وابن القيم , والإمام أبو بكر الطرطوشي، والإمام أبو بكر بن العربي، وأبو بكر الجرجاني، وأبو الحسن الزهري.. ومئات غيرهم بل آلاف .
· كل هذا و غيره الكثير و الكثير من فضل المسجد الأقصى المبارك و فضل أرض فلسطين و في القلب منها القدس قداسة داخل قداسة تحيط بهم البركة كلهم ... فاللهم اجعلنا من الذين قلت لهم اسكنوا هذه القرية و كلوا منها حيث شئتم رغدا.. و اجعنا ندخل الباب سجدا فتغفر لنا خطئياطتنا و تجعلنا من المحسنين اللهم أمين...............